Home تطوير جنيف بلا اتفاق: تعثر مفاوضات معاهدة عالمية لإنهاء التلوث البلاستيكي

جنيف بلا اتفاق: تعثر مفاوضات معاهدة عالمية لإنهاء التلوث البلاستيكي

by Hadeer Elhadary

بعد عشرة أيام من المفاوضات المكثفة في جنيف، أخفق ممثلو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق بشأن معاهدة دولية ملزمة لإنهاء التلوث البلاستيكي. ورغم الإجماع على خطورة الأزمة والدعوات الملحة من المجتمع المدني والعلماء، عطّلت الخلافات السياسية ومعارضة بعض الدول المنتجة للنفط مسار المفاوضات. وبينما تؤكد الأمم المتحدة أن العملية ستستمر، يحذر نشطاء البيئة من أن أي تأخير جديد يفاقم أزمة البلاستيك التي تهدد النظم البيئية وصحة الإنسان والأجيال القادمة.

تعثر التقدم في جنيف

انعقدت الجلسة الخامسة للجنة التفاوض الحكومية الدولية بمشاركة أكثر من 2600 شخص يمثلون 183 دولة. ورغم الجلسات الطويلة والمفاوضات التي استمرت حتى ساعات الفجر، انتهت المحادثات دون اتفاق.

وصفت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، المناقشات بأنها “شاقة” في ظل التعقيدات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية، لكنها شددت على أن هناك أمراً إيجابياً وحيداً: “جميع الدول تريد أن تبقى على طاولة الحوار.”

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فأعرب عن “أسف عميق” لفشل التوصل إلى توافق، مؤكداً أن العالم بحاجة إلى معاهدة عاجلة للتصدي لهذا التحدي “الهائل”.

مخاطر التقاعس

حذّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن إنتاج البلاستيك والنفايات قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060 في حال غياب اتفاق دولي، مما سيؤدي إلى آثار مدمرة على الصحة والبيئة والاقتصادات.

أصبح البلاستيك متوغلاً في حياتنا اليومية: من المياه الجوفية والتربة إلى المحيطات، وحتى في أجساد البشر. وأكد نشطاء خلال المفاوضات أن التلوث البلاستيكي ليس أزمة بيئية فقط، بل أيضاً تهديد صحي عالمي.

وقالت كاترينا شنبايغر، المسؤولة السويسرية لشؤون البيئة، إن النفايات البلاستيكية “تخنق بحيراتنا وتضر بالحياة البرية وتهدد صحة الإنسان”، داعية إلى معاهدة شاملة تغطي دورة حياة البلاستيك من التصميم والإنتاج إلى الإدارة والتخلص.

أصوات المجتمع المدني

شهدت جنيف مشاركة واسعة من المجتمع المدني، شملت الشعوب الأصلية وعمال جمع النفايات والفنانين والشباب والعلماء، الذين عبّروا عن مواقفهم عبر احتجاجات وعروض فنية وفعاليات إعلامية.

منظمة The Ocean Cleanup عبّرت عن قلق بالغ من فشل المحادثات، مؤكدة أن “كل تأخير يعني مزيداً من البلاستيك يتدفق إلى الأنهار والمحيطات.”

كما شددت الشبكات الشبابية على أن البلاستيك يرتبط بقضايا صحية خطيرة مثل الخصوبة والتشوهات الخَلقية والأمراض المزمنة، ما يعكس اتساع نطاق المخاطر.

انقسامات بين الدول

اعتبرت وكالة التحقيقات البيئية (EIA) أن السبب الرئيس وراء الفشل هو عرقلة بعض الدول النفطية لمسار المفاوضات، ووضع مصالحها الاقتصادية فوق حماية البيئة.

وقالت كريستينا ديكسون، قائدة حملة المحيطات في الوكالة: “لا اتفاق أفضل من معاهدة ضعيفة تُكرّس التقاعس.”
أما المستشار القانوني في الوكالة تيم غابرييل فاتهم الدول المنتجة للنفط بأنها “أخذت معاهدة البلاستيك رهينة” وحاولت “خنقها في مهدها”.

ورغم دعم غالبية الدول لخطوات طموحة، فإن المعارضة من أقلية مؤثرة حالت دون التوصل إلى توافق بشأن قضايا أساسية مثل الحد من الإنتاج والمواد الكيميائية المثيرة للقلق وآليات الالتزام.

المستقبل المجهول

من المتوقع أن تستأنف المفاوضات في وقت لاحق، لكن لم يُحدد جدول زمني بعد. وحثّ رئيس اللجنة لويس باياس فالديفييسو المندوبين على عدم الاستسلام: “الفشل قد يجلب الحزن والإحباط، لكنه يجب أن يكون حافزاً لتجديد الالتزام.”

بدورها، أكد مرفق البيئة العالمية (GEF) استمرار التزامها، مشيرة إلى أنها استثمرت مليار دولار في حلول لمكافحة التلوث البلاستيكي خلال العقد الماضي، ومستعدة لدعم تنفيذ أي معاهدة مستقبلية.

إلى أن يتحقق ذلك، يبقى النضال ضد البلاستيك مجزأً. ويؤكد المجتمع المدني والمنظمات الدولية أنهم سيواصلون الضغط، فيما ختمت إنغر أندرسن بالقول: “الناس يطالبون بالمعاهدة.” ويبقى السؤال: هل تستطيع الحكومات تحويل هذا المطلب العالمي إلى واقع؟

You may also like