Home رأي من سونداربانس إلى دبي إلى مؤتمر كوب 29: المرونة المناخية تبدأ مع تمكين الفتيات وتعزيز العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتقنيات الذكاء الاصطناعي

من سونداربانس إلى دبي إلى مؤتمر كوب 29: المرونة المناخية تبدأ مع تمكين الفتيات وتعزيز العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتقنيات الذكاء الاصطناعي

by Hadeer Elhadary

تعاني أربع قرى في الطرف الجنوبي من بنغلاديش، بالقرب من ميناء مونغلا من ارتفاع منسوب المياه. وتستيقظ الفتيات الصغيرات في هذه القرى قبل الفجر، ويقطعن مسافات طويلة سيراً على الأقدام إلى المدرسة (إن توفرت لهن فرص التعليم)، ثم يعدن إلى منازلهن لرعاية إخوتهن أو العمل في مزارع عائلاتهن أو إصلاح منازلهن المتضررة من العواصف، حيث يتابعن الحياة التي تخضع في مختلف مناحيها لتأثيرات التغير المناخي التي قلّما ترصدها التقارير. ومع ذلك، وفي خضم هذه المعاناة، تحلم تلك الفتيات بأن يصبحن طبيبات أو مهندسات أو عالمات، وهي أحلام تبقى بعيدة المنال دون توفير دعم منهجي لهن.

ولا يقتصر الربط بين تعليم الفتيات والعمل المناخي على الجانب الأخلاقي، بل إنه يتخذ منحى علمياً أيضاً. ووفقاً لمؤسسة بروجيكت دروداون، يمكن أن يساعد تعليم الفتيات في منع ما يقرب من 75 جيجا طن من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050. ويرجع ذلك إلى أن النساء المتعلمات أكثر ميلاً للاستثمار في الطاقة المتجددة، واتخاذ خيارات مستدامة، والمساهمة في مجتمعات قادرة على التكيف مع التغير المناخي. ومع ذلك، فإن 30% فقط من المتخصصين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في العالم هنّ من النساء. وتنخفض هذه النسبة في العديد من المناطق المعرضة للتغير المناخي، لا سيما في دول جنوب العالم، إلى ما دون 10%.

لقد عايشت شخصياً هذا الواقع باعتباري ابنة ناشط بيئي مهتم بحماية الحياة البرية، فخلال نشأتي، أمضيت الكثير من وقتي داخل حديقة حيوان دبي القديمة محاطةً بحيواناتٍ محمية وأحاديث مستمرة حول الطبيعة والحفاظ عليها. وترأستُ في المرحلة الجامعية أول نادٍ بيئي في جامعة ولونغونغ في دبي، وحصلت على جوائز من سوني جلف والحكومة الإماراتية عن أبحاثي المُبكرة حول التنوع البيولوجي في دبي. وعلى الرغم من أن مسيرتي الأكاديمية قادتني إلى مجالات الأخلاقيات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، بقي موضوع تعزيز فرص الفتيات تعزيز فرص الشابات للمساهمة في تشكيل مستقبل مستدام محطّ اهتمام لديّ.

وتبلور هذا الاهتمام في عام 2017 عندما سافرتُ إلى غابة سونداربانس في إطار مشروع مع مؤسسة بروكريتي أو جيبون وضمن سلسلتها التلفزيونية التي تُبث على قناة شانال إي، بدعم من جامعة وولنغونغ، حيث التقيتُ بمجموعة من الفتيات الذكيات والمُبدعات والطموحات، واللواتي حُرمن من الأدوات والمعارف اللازمة للريادة وسبل الوصول إليها رغم ما تميزن به من حب المعرفة والاطلاع. لقد أعادت تلك التجربة صياغة هدفي.

وعندما عدت إلى دبي، بدأت بالعمل على تحقيق هذا الهدف. وأدير منذ عدة سنوات الآن مخيم تيك جي، وهو برنامج مخصص لتشجيع الفتيات في دولة الإمارات لاستكشاف مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وبمرور الزمن، كان هناك سؤال متكرر لدى المشاركات: أين يمكننا أن نتعلم المزيد عن الاستدامة والتغير المناخي؟ وكيف نستطيع أن نقدم المساعدة؟

وبفضل هذا السؤال، تم إنشاء (Climate Resilient Girls GPT (ResG-GPT، وهي أداة ذكاء اصطناعي توليدي مخصصة، مبنية باستخدام معمارية تشات جي بي تي 4 من شركة أوبن إيه آي، ومدربة على توفير محتوى متخصص وقائم على البحث العلمي. وتم تضييق نطاق البحث بشكل مقصود لدى هذه الأداة، إذ أنها تستجيب فقط للاستفسارات المتعلقة بالمرونة المناخية وتعليم مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والنقاط المشتركة فيما بينها، دون التطرق إلى مواضيع أخرى غير آمنة أو خارج هذا السياق، وذلك بهدف توفير تجربة داعمة تعمل على التركيز على الفتيات وتمكينهن.

وتختلف هذه الأداة عن روبوتات الدردشة العادية، إذ أنها تمثل معلماً رقمياً للفتيات لمساعدتهن على فهم أزمة المناخ والمشاركة في إيجاد الحلول. وشهدنا أثناء ورش العمل والمخيمات الصيفية دور أداة ResG-GPT في ترسيخ التعلم وتعزيز الوعي المناخي وإلهام الطالبات لتوظيف مهاراتهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لمواجهة التحديات الحقيقية.

ويسرنا في جامعة ولونغونغ في دبي أن نتولى دعم هذه الجهود، وتؤكد مناهجنا على أهمية الابتكار الأخلاقي والتحول الرقمي وأبرز كفاءات حل المشكلات لدى قادة المناخ المستقبليين. كما نؤمن بأن المرونة المناخية لا تشتمل فقط على التقنيات، إذ أنها تعتمد على الوعي البشري أيضاً، ويتم تحقيق ذلك من خلال تعزيز الوصول إلى المعرفة.

وقامت واحدة من مبادرات الطالبات المميزة بإعادة تصور مفهوم القيمة؛ حيث اقترحت الطالبات خلال حملة تميزت بجرأتها أن يتم استبدال هدايا الزواج التقليدية، مثل المجوهرات والذهب، باستثمارات في إنجازات الفتيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أو حلول المناخ. ويمكن على سبيل المثال تقديم هدية تتمثل في جهاز لوحي يعمل بالطاقة الشمسية أو في منحة دراسية لحضور مخيم برمجة بيئي، وتشكل هذه التغييرات البسيطة تحولاً في العادات المتأصلة، وتساعد في تشكيل تصور مشترك يمهد الطريق أمام مستقبل يكرس مفهوم الشمولية.

وتصدرت هذه الرؤية فعاليات مؤتمر كوب 29، حيث قادت طالبة الدكتوراه فيدي شارما ورشة عمل بعنوان التركيز على تمكين الفتيات وتعزيز التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومحو الأمية الكربونية“. واستعرضت الجلسة أهمية التعليم المبكر في هذه المجالات لتمكين الفتيات من توظيف الممارسات المستدامة في المنازل والمجتمعات، وتحويلهن إلى قائدات فعالات على أرض الواقع في مجال المناخ.

وتشكل مبادرة Climate Resilient Girls GPT صلة وصل بين الظروف المحلية والجهود العالمية، وانطلقت المبادرة من بنغلاديش، وتم تطويرها في دولة الإمارات ثم مشاركتها على المنصات العالمية، لتمثل الحل الأمثل لتلبية الضرورة الملحة المتمثلة في إيجاد حلول مناخية تراعي التوازن بين الجنسين.

ويتجاوز الأمر إتاحة المجال لصوت الفتيات، إذ أن أصواتهن تلقى بالفعل أصداء واسعة. ولكن يتوجب علينا أن نضمن وصولهن إلى المعرفة اللازمة وأن نعزز ثقتهن لإبداء آرائهن وأن نزودهن بالأدوات الضرورية لرسم ملامح مستقبلهن. كما نحتاج في عالم يعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل متنامٍ إلى توفير تقنيات تعكس أسمى قيمنا، وهي الشمولية والأمل.

وتشكل أداة ResG-GPT خطوة صغيرة وراسخة في الوقت ذاته في سبيل تحقيق ذلك، إذ يعد تمكين الفتيات إحدى أهم الس

بقلم: الدكتورة زيناث رضا خان، الأستاذة المساعدة في جامعة ولونغونغ في دبيياسات المتبعة وواحدة من أبرز الفرص لحماية مستقبل الكوكب.

You may also like