في الثاني عشر من أغسطس من كل عام، يلتفت العالم إلى طاقات وإبداعات الشباب في يوم عالمي يكرّس للاحتفاء بدورهم المحوري في صناعة المستقبل. ويأتي اليوم العالمي للشباب لعام 2025 تحت شعار “العمل الشبابي المحلي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وما بعدها”، ليركز على الأدوار الفريدة التي يلعبها الشباب في تحويل الطموحات العالمية إلى إنجازات واقعية تنبض بالحياة في مجتمعاتهم.
شباب في قلب التنمية المستدامة
تشير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 65% من أهداف التنمية المستدامة مرتبطة بالحكم المحلي، ما يجعل إشراك الشباب ليس ترفًا بل ضرورة ملحّة. فهم يمتلكون الإبداع والبصيرة والارتباط العميق بمجتمعاتهم، مما يساعد على سد الفجوة بين السياسات والتطبيق العملي.
هذا العام، يكتسب اليوم العالمي للشباب أهمية خاصة كونه يتزامن مع الذكرى الثلاثين لبرنامج العمل العالمي للشباب، الذي ظل إطارًا إرشاديًا عالميًا للاعتراف بالشباب كمحرك رئيسي للتنمية المستدامة والحكم التشاركي. كما أن النقاشات المتعلقة بموضوع 2025 ستسهم في التحضير للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المقرر عقدها في الدوحة في نوفمبر المقبل.
رسالة الأمين العام للأمم المتحدة
في كلمته بهذه المناسبة، قال الأمين العام للأمم المتحدة:نحتفل اليوم بعزيمة الشباب وإبداعهم وقيادتهم في كل مكان. هذا العام يذكرنا بأن التقدم العالمي يبدأ من المجتمعات، وفي كل ركن من أركان العالم يقود الشباب المسيرة. إنهم يدفعون عجلة التنمية المستدامة، ويعززون الشمولية، ويبنون السلام، ويطالبون بمستقبل أكثر عدلًا وخضرة وإنصافًا. أصواتكم وأفكاركم وقيادتكم مهمة. فلنعمل معًا لدعم الحلول التي يقودها الشباب وبناء عالم أكثر عدلًا وسلامًا واستدامة، من الأساس إلى القمة”.
الإمارات… مبادرات ملهمة
في الإمارات، شهدت العاصمة أبوظبي فعاليات خاصة باليوم العالمي للشباب، حضرها الدكتور سلطان سيف النيادي، وزير الدولة لشؤون الشباب، في مقر وزارة الداخلية، حيث افتتح أول “مساحة شبابية” على مستوى الحكومة الاتحادية، بحضور كبار مسؤولي الوزارة وقادة الشرطة وممثلي منظمات شبابية.
تضمنت الفعالية عرضًا لمسيرة وإنجازات مجلس شباب وزارة الداخلية، وتخريج الدفعة الأولى من برنامج “نواة المستقبل” الذي يمتد لستة أشهر لتأهيل الشباب الإماراتي للعمل في مجالات الأمن والشرطة، وتكريم خمسة مشاريع شبابية رائدة ضمن مبادرة “نبراس الشباب”. كما اطلع الوزير على مشاريع حالية ومستقبلية للمجلس، من بينها مشروع “القائد الاستثنائي” في كلية الشرطة وبرنامج قادة الشباب”.
المساحة الشبابية الجديدة، المعتمدة من الهيئة الاتحادية للشباب، تهدف لتعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار، ودعم الابتكار، وتوفير بيئة للاجتماعات والفعاليات وورش العمل، وهي الأولى من نوعها بين الوزارات والهيئات الاتحادية.
رؤية القيادة الثقافية في دبي
سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، أكدت في تصريحها بهذه المناسبة على قدرة الشباب على تغيير العالم بطرق متعددة، مشيرة إلى أن تأثيرهم قد لا يُعلن دائمًا لكنه يتحقق في تغييرات صغيرة وقوية، سواء بتحدي العادات، أو إعادة ابتكار العمليات، أو تقديم أفكار جديدة.
وأضافت سموها:”الشباب في الإمارات يحولون التحديات العالمية إلى فرص محلية، سواء من خلال حلول طلابية للتغير المناخي، أو برامج ترميز مجتمعية، أو مبادرات فنية شعبية. الابتكار حين يتجذر في التعاطف يمكنه أن يغير الأنظمة من الأساس”.
واستشهدت بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “قيمتنا في الحياة تُعرف بما نفعله”، مؤكدة أن روح المبادرة التي تراها في الشباب الإماراتي تعكس الشجاعة على الفعل، والقدرة على التخيل، والإصرار على بناء مستقبل أفضل.
القطاع الخاص… استثمار في الجيل الجديد
على مستوى القطاع الخاص، قالـت كارولين هبيكا، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في مجموعة AWR، في تصريح لـ ESG Mena:”على مدى 75 عامًا، التزمت مجموعتنا برعاية المواهب الشابة وتجهيزهم لقيادة الابتكار، من خلال مبادرات مثل استراتيجية ’واعد‘ لتطوير الكوادر الوطنية، وبرامج التدريب العملي NextGen، والشراكات مع الجامعات لتطوير المهارات اللازمة لدفع التقدم المستدام”.
أما محمد الحجاج، الرئيس التنفيذي لشركة ENGIE السعودية، فقال:”نؤمن بأن المستقبل يُصنع بطاقة الشباب وإبداعهم ورؤيتهم. منذ 2024، كان 76.6% من المواهب الجديدة لدينا دون سن 35، وهو ما يعكس التزامنا ببناء قوة عاملة ديناميكية مستعدة للمستقبل، عبر برامج الخريجين والإرشاد والمشاريع المرتبطة بالتحول في قطاع الطاقة”.
شباب اليوم… قادة الغد
اليوم العالمي للشباب 2025 لا يكتفي بالاحتفاء بالشباب، بل يدعو للاستثمار الحقيقي في سياسات وبرامج شاملة تستفيد من العمل الشبابي المحلي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فمن الفصول الدراسية والمختبرات، إلى المجالس المحلية ومبادرات المجتمع، يثبت الشباب يومًا بعد يوم أنهم ليسوا فقط قادة المستقبل، بل قادة الحاضر أيضًا.