أعلنت مصر اليوم عن مشروع جديد لحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، بتمويل ضخم يصل إلى 14.25 مليون دولار، وهو مشروع تشترك فيه مصر مع العديد من المؤسسات والجهات العالمية، بهدف الحفاظ على هذه النظم البيئية الحيوية التي تزخر بالتنوع البيولوجي وتدعم الاقتصاد المحلي.
وشهدت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، توقيع وثيقة مشروع “مبادرة البحر الأحمر المصرية”، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق التمويل العالمي للشعاب المرجانية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إجمالى تمويل قدره ١٤ مليون دولار أمريكي لحماية بيئة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، والحفاظ علي استدامتها.
وعالميا، تتعرض الشعاب المرجانية إلى خطر التدهور الشديد، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة للأمم المتحدة، إلى أن 70% من الشعاب المرجانية في العالم معرضة للتهديد، من بينها 20% قد تم تدميرها بالفعل دون أمل في نموها من جديد، و 24% معرضة لخطر الانهيار الوشيك، و 26% معرضة لخطر التهديدات على المدى البعيد.
ولا يسبب فقدان الشعاب المرجانية خسائربيئية فقط، بل ينتج عنه خسائر اقتصادية واجتماعية أيضاً، فوفقاً للأمم المتحدة، يعيش 40% من سكان العالم على مسافة 100 كيلومتر من المحيط، أي حوالي3.1 مليار نسمة، وتوفر الشعاب المرجانية الخدمات للمجتمعات المحلية من زوايا عديدة، حيث تحميهم من موجات العواصف، وتوفر الرمال للشواطئ، كما تمثل خزانة لحفظ الأدوية، حيث تحتوي على عدد ضخم من الكائنات الحية، بما في ذلك الإسفنج والمرجان وأرانب البحر، ويمكن استخلاص منها الأدوية المضادة للالتهابات و، المضادة للفيروسات، والمضادة للأورام والبكتيريا، كما يتم تطوير علاجات جديدة منها لمرض الزهايمر، ومرض القلب.
المشروع يمتد على مدار ستة سنوات
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، أثناء توقيع الاتفاقية، إنّ المشروع سوف يمتد على مدار الست سنوات القادمة في الفترة من 2024 حتى 2030 ، ويهدف إلى حماية التراث الطبيعي لمصر حيث يجمع بين الأطراف المعنية بتطوير وتنفيذ حلول تمويلية تساهم في الحفاظ على بيئة الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر، والتي تُعد من بين الأكثر الشعاب المرجانية تنوعًا والأكثر صمودًا على مستوى العالم مع تحقيق فوائد ملموسة للمجتمعات المحلية.
وأضافت فؤاد أن هذه الشعاب لا تعد فقط جزءًا أساسيًا من النظام البيئي البحري، بل تلعب دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد المصري، من خلال صناعات رئيسية مثل السياحة والصيد، مما يستدعي حمايتها في ظل ما تتعرض له تلك النظم البيئية من تهديدات متزايدة ناجمة عن آثار التغيرات المناخية ،والصيد الجائر، والممارسات السياحية غير المستدامة.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن المشروع يهدف إلى تعزيز حماية ما يقرب من 99,899 هكتارًا من الشعاب المرجانية في البحر الأحمر المصري، بما في ذلك 13,637 هكتارًا في محمية وادي الجمال الوطنية و50,612 هكتارًا في محمية جزر البحر الأحمر الشمالية.
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يوجد أكثر من 800 نوع من الشعاب المرجانية التي تبني الموائل التي تؤوي ما يقدر بنحو 32% من جميع الأنواع البحرية، كما أن حوالي 37% من الأسماك مرتبطة ببيئات الشعاب المرجانية الاستوائية، كما تشير التقديرات الأخيرة للبرنامج إلى أن أكثر من 90% من أنواع الشعاب المرجانية لم يتم تسميتها وأن إجمالي أعداد أنواع الشعاب المرجانية يتجاوز 800000.
إنشاء “الصندوق المصري للشعاب المرجانية”
أوضحت وزيرة البيئة أن المشروع يتضمن إنشاء “الصندوق المصري للشعاب المرجانية” الذي سيعمل على تقديم المنح لمنظمات المجتمع المدنى وغير الحكومية والمنظمات الأخرى التي تدعم الأنشطة المفيدة للشعاب المرجانية مع وضع وتنفيذ خطة طويلة الأجل من أجل جمع التبرعات لتأمين المساهمات في الصندوق لضمان تغطيتها لكافة تكاليف التشغيل، وتوفير التمويل المختلط، والمنح للاستثمارات المفيدة للشعاب المرجانية.
في الوقت نفسه، يعمل المشروع علي إنشاء “حاضنة أعمال الشعاب المرجانية” لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة والتي تعمل علي تطوير ودعم توسيع نطاق المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ذات العوائد الإيجابية للشعاب المرجانية والمبادرات المجتمعية، والشركات التي تفيد المجتمعات المحلي.
وعلقت وزيرة البيئة المصرية على إطلاق المبادرة بقولها: “هذا المشروع يؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة الحفاظ على الشعاب المرجانية في مصر، مما يضمن حماية هذه النظم البيئية الثمينة لنا وللأجيال القادمة، والحفاظ علي استدامتها مع دعم المجتمعات المحلية كأعمدة رئيسية لجهود حماية التراث البيئي والطبيعي بمصر”.
و أشارت وزيرة البيئة الي أن أنه سيتم ضع 5 ملايين دولار أمريكي في الصندوق المصري للشعاب المرجانية، كـ”رأس مال أولي” لاستخدامه في تمويل المشروعات والأعمال التجارية ، والمبلغ المتبقي والبالغ 9.25 مليون دولار سيستخدم لأنشطة البرنامج التي تدعم إنشاء الصندوق المصري للشعاب المرجانية، وتغطي نفقاته التشغيلية لفترة العامين الأولين.
من جانبه، علق السيد أليساندرو فراكاسيتي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، قائلًا: ” مبادرة البحر الأحمر المصرية ستوفر موارد جديدة، وشركاء وقدرات لحماية وإدارة الشعاب المرجانية بشكل فعال، وهذه المبادرة لا تتماشى فقط مع الأولويات الوطنية لمصر، بل تمثل أيضًا نموذجًا عالميًا لأفضل الممارسات في الحفاظ على البيئة، وتؤكد أنه من الممكن تحقيق التوازن بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية في آن واحد”.
وأشار شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن هذه المبادرة تبني على عقود من الشراكة بين الشعبين المصري والأمريكي لحماية والحفاظ على الموارد الطبيعية في مصر، مع مساعدة المجتمعات المحلية على بناء القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ، مما يساهم في تمكين المجتمعات المحلية و يعزز جهود حماية الموارد الطبيعية من خلال التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والشركات الخاصة، مؤكداً أن المشروع هو نموذج شامل وعادل وفعال للحفاظ على البيئة”..