في عالمنا الرقمي المتسارع، أصبحت مراكز البيانات العمود الفقري للاقتصادات الحديثة. فهي المحرك الرئيسي وراء التطبيقات والخدمات الرقمية التي نستخدمها يومياً، من التجارة الإلكترونية إلى الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن هذا النمو الهائل يثير تحديات كبيرة، أبرزها استهلاك الطاقة الهائل وتأثيره البيئي.
في هذا السياق، تأتي أهمية الاستدامة في قطاع مراكز البيانات، حيث تسعى الشركات إلى تطوير حلول مبتكرة لخفض البصمة الكربونية وتعزيز الكفاءة. وفي هذه المقابلة مع ESG Mena، تتحدث السيدة منى عيسى، نائب الرئيس لشؤون الطاقة الآمنة لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شنايدر إلكتريك، عن رؤيتها حول مستقبل مراكز البيانات في المنطقة، والتحديات التي تواجهها، وكيف تساهم شنايدر إلكتريك في بناء مستقبل أكثر استدامة.
1. لماذا تعتبر دولة الإمارات وجهة مميزة لصناعة مراكز البيانات؟
تتميز دولة الإمارات بكونها مركزاً عالمياً رائداً لصناعة مراكز البيانات، مدعومةً بالرؤية الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، وممكّنةً باستثماراتها الاستراتيجية وبنيتها التحتية المتطورة. ويتماشى تركيز الدولة على التحول الرقمي مع الطلب المتزايد على حلول البيانات الآمنة عالية الأداء القابلة للتطوير.
وتخطو الإمارات خطوات واسعة نحو تعزيز الاستدامة من خلال استثماراتها في الطاقة المتجددة، واعتماد حلول مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية.
وهذا يجعل من دولة الإمارات لاعباً رئيسياً فاعلاً في الاقتصاد الرقمي العالمي، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب، مما يعزز مكانتها كبوابة رئيسية لحركة البيانات ويضمن تواصلاً سلساً بين الشركات في المنطقة.
2. ما هي المزايا التي تقدمها المنطقة الحرة بالحمرية لعمليات شنايدر إلكتريك، خصوصاً في ما يتعلق بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والاستدامة؟
تفخر شنايدر إلكتريك بتوافق عملياتها مع أهداف الاستدامة بدولة الإمارات، حيث تستفيد من الفرص التي توفرها المنطقة الحرة بالحمرية لتعزيز التزامها بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وبفضل موقعها الاستراتيجي القريب من ميناء الحمرية في الشارقة، تسهم المنطقة الحرة في الحد من احتياجات النقل، مما يقلل من انبعاثات الكربون ويدعم جهودنا في الحفاظ على البيئة.
وتعتبر البنية التحتية المتطورة والإطار التنظيمي القوي للمنطقة عوامل أساسية تمكننا من تنفيذ مبادرات مؤثرة في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، مما يؤدي إلى نتائج ملموسة تحقق رؤيتنا وتدعم الوصول إلى الأهداف الطموحة لدولة الإمارات للتحول نحو الطاقة النظيفة. ومن خلال دمج الفوائد البيئية والحوافز الاقتصادية والاستفادة من الموقع الاستراتيجي في هذه المنطقة الحيوية، تواصل شنايدر إلكتريك المساهمة في تحقيق مستقبل أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة.
3. كيف تواجه شنايدر إلكتريك تحديات استهلاك الطاقة في مراكز البيانات بمنطقة الخليج، وما هو نهجها نحو الطاقة المتجددة؟
تظهر الأرقام الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية أن مراكز البيانات وشبكات نقل البيانات تسببت في انبعاث حوالي 330 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2020، أي ما يعادل نحو 1% من إجمالي الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة. وتؤدّي هذه الانبعاثات بشكل كبير إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتسارع وتيرة التغير المناخي. لذلك فإن تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 يتطلّب خفض هذه الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من التقدم الكبير في التكنولوجيا، لا تزال مراكز البيانات من أكثر القطاعات استهلاكاً للطاقة والمياه، وخصوصاً في أنظمة التبريد التبخيري اللازمة للحفاظ على انخفاض درجة حرارة المعدات. وبينما تعتبر مراكز البيانات عنصراً أساسياً في البنية التحتية للعالم الرقمي المتنامي، فإنها تعرف تاريخياً بتأثيرها الكبير على استهلاك الطاقة. وباعتبارها مسؤولة عن نحو 1-2% من الاستهلاك العالمي للطاقة، حيث تشير نتائج الأبحاث العالمية إلى أن هذه الصناعة تستهلك نحو 200 تيراواط ساعي من الكهرباء سنوياً)، يتعين على أصحاب مراكز البيانات ومشغليها تعزيز استدامة وكفاءة عمليات تكنولوجيا المعلومات.
نحن نتعامل مع هذه التحديات من خلال تقنيات شنايدر إلكتريك المتطورة عبر اعتماد نهج متعدد الجوانب، حيث نقدم حلول إدارة الطاقة المتقدمة، مثل التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، من أجل تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف عمليات مركز البيانات.
كما نعزز ترشيد استهلاك المياه عبر تقديم تقنيات تبريد مبتكرة تقلل من استهلاك المياه، دون التأثير على فعالية الأداء. ومن خلال الجمع بين الابتكار والخبرة والالتزام بالاستدامة، تعمل شنايدر إلكتريك على تمكين مشغلي مراكز البيانات في منطقة الخليج من أن يكونوا رواداً في الكفاءة والمسؤولية وتكامل حلول وتقنيات الطاقة المتجددة.
4. ما النهج الذي تتبعه شنايدر إلكتريك في اختيار الموردين لتحسين كفاءة الطاقة في مراكز البيانات؟
تحرص شنايدر إلكتريك على اختيار موردي المكونات الأساسية، مثل كابلات الطاقة والتحكم وأنظمة التهوية وغيرها، بناءً على تصنيفات كفاءة الطاقة ودرجات الاستدامة ومواصفات المشاريع ككل. وعملية الاختيار المشتركة هذه تهدف إلى تعزيز كفاءة الطاقة والاستدامة على امتداد سلسلة التوريد، بما في ذلك توفير الدعم للموردين في تبنّي الطاقة المتجددة واعتماد الممارسات المستدامة.
5. نظراً للأحداث المناخية الشديدة التي شهدتها المنطقة مؤخراً، ما الخطط التي تعتمدها شنايدر إلكتريك لحماية مراكز بياناتها؟
نشهد حالياً، في مختلف أنحاء العالم، نمواً هائلاً في قطاع مراكز البيانات، مدفوعاً بالاهتمام المتزايد بالحلول السحابية، بالتزامن مع الحاجة المتزايدة لتحسين شبكات التواصل وعمليات تخزين البيانات ومعالجتها.
وإذ تعد مراكز البيانات جوهر عالمنا الرقمي، إلا أنها مساهم رئيسي في استهلاك الطاقة ضمن قطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يغذي أزمة المناخ العالمية. وفي الوقت الحالي، تتحمّل مراكز البيانات المسؤولية عما نسبته 2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، وهي تساهم بالتالي وبشكل كبير في أزمة المناخ. وعلى الصعيد العالمي أيضاً، تعد مراكز البيانات ثاني أكبر ملوث للبيئة.
وفي ظل قيام الشركات ببذل المزيد من الجهود لتصبح أكثر استدامة، أصبحت ممارسات الاقتصاد الدائري أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن شأن تركيزنا على البنية التحتية المستدامة، ومراقبة الطاقة، ومبادئ الاقتصاد الدائري، أن يمكننا من تعزيز مرونة مراكز البيانات في وجه المتطلبات التشغيلية والمخاطر المناخية الخارجية على حد سواء، مما يضمن أن تكون مراكزنا مجهزة لمواجهة التحديات البيئية حاضراً ومستقبلاً.