في تحول سياسي دراماتيكي، أعلن دونالد ترامب، في أحد أول قراراته كرئيس للولايات المتحدة، حالة الطوارئ الوطنية للطاقة، فبدأ سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى تنشيط صناعات الوقود الأحفوري، وهو ما يتناقض شكل صارخ مع تأكيد الإدارة السابقة على الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية.
وتشمل تصرفات ترامب المثيرة للجدل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ووقف الدعم الفيدرالي للسيارات الكهربائية، وتعليق مشاريع طاقة الرياح البحرية، مما أثار المخاوف بشأن مستقبل مبادرات الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة والتأثير الذي قد يخلفه ذلك في القطاعات الأخرى المرتبطة بها.
إيلون ماسك: الملياردير الأخضر في عهد ترامب
على الرغم من التراجعات المحلوظة في السياسة الفيدرالية، يواصل رواد الأعمال مثل إيلون ماسك – الذي يظل حليفًا وثيقًا لترامب – الدفاع عن الاقتصاد الأخضر خاصة أنه كان مسؤولاً عن وزارة الكفاءة الحكومية.
وفي هذا السياق، دفع سعي ماسك الدؤوب للتكنولوجيا المستدامة، شركة تسلا إلى تحقيق نجاحات غير مسبوقة، حيث أصبحت الشركة العلامة التجارية الأكثر قيمة للسيارات في التاريخ، وتجاوزت مبيعات تسلا مليوني مركبة، وحصدت شاحنة سايبرترك أكثر من مليوني طلب مؤكد مع ودائع غير قابلة للاسترداد.
ومع ذلك، أعلنت وزارة الخارجية في وقت سابق من هذا الشهر أنها تتخلى عن خطط شراء مركبات تسلا المدرعة بقيمة 400 مليون دولار، مع عدم وجود خطط للوفاء بالعقد، وبالتوازي، أعلن ماسك مؤخرًا عن مشروع أخضر رائد بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة في القمة العالمية للحكومات، مما أدى إلى تأمين مليارات الدولارات من الاستثمارات لكل من اقتصاد الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
وبينما تتغير السياسات الفيدرالية، أعادت العديد من الولايات الأمريكية التأكيد على التزامها بالطاقة المتجددة، حيث أن أكثر من 31 ولاية، بما فيها الولايات المحافظة تقليديا، تشارك بنشاط في مشاريع الطاقة النظيفة واسعة النطاق.
على سبيل المثال، تشهد ولاية فرجينيا الغربية، على الرغم من اعتمادها التاريخي على الفحم، زيادة في تطوير طاقة الرياح، وبالتالي تسلط هذه المبادرات التي تقودها الولايات الضوء على نهج لامركزي للاستدامة، مما يشير إلى أن زخم الاقتصاد الأخضر قد يستمر بشكل مستقل عن التوجيهات الفيدرالية.
دعوة إلى المسؤولية المشتركة
ويمكن القول أن انسحاب واشنطن من الاتفاقيات المناخية الدولية يفرض ضغوطا متزايدة على الدول الكبرى الأخرى المسببة للانبعاثات، مثل الصين والهند وروسيا، لتكثيف جهودها في مكافحة تغير المناخ.
ويشير موقف ترامب إلى رغبة هذه الدول الرائدة في مجموعة البريكس في المساهمة بشكل أكبر، سواء في العمل أو الدعم المالي، بدلاً من الاعتماد بشكل أساسي على التمويل الأمريكي للمبادرات البيئية العالمية.
ويركز ترامب، إلى جانب ماسك، بشكل مكثف على الحد من الدين الفيدرالي الأمريكي المتضخم والحد من الإنفاق الحكومي، بما في ذلك المشروعات الخضراء الفيدرالية مثل البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، وبالتوازي، فإن دول الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، تتبنى في استراتيجياتها المشروعات التجارية التي تحقق التحولات الخضراء، والمشاريع التي تنفذها شركات مثل مصدر وإيما باور مصممة لتوفير حلول الطاقة، وتوليد فرص العمل، وضمان عوائد واضحة على الاستثمار.
في الوقت نفسه، نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع البنية التحتية للسيارات الكهربائية، كما تتبع المملكة العربية السعودية وعمان نفس النهج، في حين تظهر المتنزهات الشمسية الصغيرة كحلول مستقلة قابلة للتطبيق. و
وفي السياق ذاته، توضح مشاريع مثل مبادرة الطاقة الشمسية عن بعد التي أطلقتها شركة المسعود في الفجيرة الاتجاه المتزايد للاستثمارات الخضراء القابلة للتطبيق تجاريا، وبالتالي، يتماشى هذا النهج البراجماتي مع تأكيد الإدارة الأميركية الحالية على المبادرات البيئية السليمة ماليا، مما يشير إلى مجال محتمل للتعاون الدولي القائم على المنافع الاقتصادية المتبادلة.
وعلى هذا النحو، يتعين على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التطلع إلى مشاريع خضراء مستدامة ماليا ــ مثل تلك التي تقودها شركة مصدر، أو شركة أيميا باور، أو شركة سكاي جلوبال ــ والتي توفر الأمن في مجال الطاقة والفوائد الاقتصادية لمجتمعاتها المحلية.
ومن المتوقع أن يتشكل مستقبل الاقتصاد الأخضر في عهد ترامب من خلال عمل متوازن بين البراجماتية الاقتصادية والمسؤولية البيئية، وربما يتضاءل الدعم الفيدرالي للاستدامة، ولكن هناك عوامل أساسية لتحقيق هذه الغاية، مثل سياسات الدولة، والابتكار في القطاع الخاص، والنمو الاقتصادي، والنمو الاقتصادي، وسوف تستمر الشراكات الدولية في دفع عجلة التقدم.
وبشكل عام، يمكن القول إنه إذا أثبتت الحلول الخضراء قدرتها على تحقيق الربح، فسوف تزدهر بغض النظر عمن يجلس في المكتب البيضاوي، وفي هذا السياق، تقدم منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، دراسة حالة مقنعة حول كيفية عمل الحكومات والشركات معًا لتطوير حلول طاقة خضراء مربحة .
بقلم: صالح جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة ESG Mena