Home » الزراعة المستدامة: دور حيوي في مكافحة تغير المناخ وحضور تاريخي في COP28

الزراعة المستدامة: دور حيوي في مكافحة تغير المناخ وحضور تاريخي في COP28

by Elhadary

اهتمام غير مسبوق حظى به مجال الزراعة خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للأمم المتحدة COP28 والذي يتم تنظيمه حالياً في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، والإعلان التاريخي بشأن الزراعة والنظم الغذائية.

وقع على إعلان COP28 للزراعة والنظم الغذائية 134 دولة تمثل ما يزيد على 5.7 مليار شخص، و70% من إجمالي إنتاج الغذاء العالمي، ونحو 500 مزارع، و76% من إجمالي انبعاثات النظم الغذائية العالمية،ومن القرر أن تعمل هذه الدول على توحيد جهود منظمات الأغذية والزراعة الرائدة لتوسيع نطاق الزراعة المتجددة.

بالإضافة إلى ذلك، حشد المجتمع الدولي جهوده لجمع أكثر من 2.5 مليار دولار لدعم برنامج عمل COP28 للنُظم الغذائية والزراعة حتى الآن، جاعلاً COP28 أول مؤتمر أطراف يحظى فيه زعماء العالم باهتمام جدي بشأن الأغذية والزراعة، بجانب عقد شراكة جديدة بين الإمارات ومؤسسة “بيل وميليندا غيتس” لدعم الابتكارات في مجال النظم الغذائية والزراعة المستدامة بقيمة 200 مليون دولار.

هذا الاهتمام التاريخي الذي حظى به مجال الزراعة والنظم الغذائية ينبثق من التفاعلات بين النظم الغذائية والزراعة والمناخ والحاجة إلى معالجة هذا الأمر لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ والحفاظ على 1.5 درجة مئوية في متناول اليد، كما صرحت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة ورئيسة قسم النظم الغذائية في مؤتمر COP28.

خطوة أساسية لتقليل الانبعاثات، ولكن هناك تحديات

تقول الدكتورة  شيماء حطب، أستاذ الزراعة المشارك بجامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة، إن الزراعة وحدها تساهم بأكثر من 50% من انبعاثات الغازات الدفيئة، وستساعد الممارسات الزراعية المستدامة في تقليل تلك الانبعاثات.

وأضافت أن هناك حاجة ماسة إلى مبادرات لتعليم صغار المزارعين طرقاً ليصبحوا أكثر استدامة في أساليبهم المتبعة منذ سنوات عديدة، لافتة إلى أن التحول من أساليب الزراعة التقليدية إلى أساليب الزراعة العضوية ليس عملية سهلة، حيث أن تغيير العقليات والسلوكيات التقليدية للمزارعين يمكن أن يشكل تحدياً لأن ممارساتهم مستمرة منذ أجيال.

وأشارت حطب إلى أهمية الحاجة إلى العمل على تغيير عقليات المزارعين من خلال خلق الوعي حول التحديات والفرص، مؤكدة على الحاجة كذلك إلى تغيير عقليات المستهلكين ليصبحوا أكثر استدامة في سلوكياتهم الاستهلاكية، من خلال التوعية والتعليم.

وشددت على أن أساليب الزراعة غير المستدامة أدت إلى ضعف النظام البيئي والتنافس على موارد الأراضي والمياه، وأنه من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى انخفاض إنتاجية بعض المحاصيل مثل القمح والذرة، بسبب ندرة المياه وارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب المياه المالحة  في العديد من المناطق حول العالم.

تعتبر الزراعة واحدة من أكثر القطاعات عرضة لتغير المناخ، حيث أثرت المواسم الأكثر دفئا، والتغيرات في مواعيد هطول الأمطار وكثافتها، والظواهر الجوية المتطرفة الأكثر تواتراً وشدة، على الإنتاج الزراعي في العديد من البلدان، بجانب آثار ذلك على تقلب أسعار المواد الغذائية والأمن الغذائي، وخاصة في الجنوب العالمي.

اجراءات مطلوبة على طول سلسلة القيمة

يؤكد تقرير نشر مؤخراً لماكينزي آند كومباني، وهي شركة استشارات إدارية عالمية تأسست عام 1926، أن الزراعة المستدامة ضرورية لإزالة الكربون، ولكن لكي يصل العالم إلى صافي الانبعاثات الصفري، يجب على قطاع الزراعة أن يتخذ إجراءات على طول سلسلة القيمة بأكملها.

وحدد التقرير، الذي يحمل عنوان “الزراعة وتغير المناخ”، الإجراءات الرئيسية التي يمكن لصناعة الزراعة اتخاذها لدعم إزالة الكربون، مشيراً إلى أن تحقيق مسار 1.5 درجة سيتطلب اتخاذ إجراءات تمتد إلى ما هو أبعد من المزارع عبر سلسلة القيمة

ومن أهم هذه الإجراءات الحد من فقد الأغذية وهدرها، واعتماد التحول الغذائيي، والتكيف مع كيفية استخدامنا للأراضي الصالحة للزراعة، وكلها أمور بالغة الأهمية لإزالة الكربون وستساعد الصناعة على تلبية الاحتياجات الغذائية العالمية مع الحفاظ على سبل عيش المزارعين، وفقاً لما جاء في التقرير.

تشير التقديرات إلى أنه يمكن تقليل هدر الطعام بنسبة 23 بالمائة تقريباً بحلول عام 2050، وهو ما يمثل حوالي 0.7 جيجا طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO2e)، ولكن لتحقيق هذه التخفيضات، سنحتاج إلى ربط سلاسل التوريد بشكل أفضل، وتحسين الحفاظ على الأغذية وتكييفها مع عادات الشراء، والاستفادة بشكل أكثر إنتاجية من فقد الأغذية أو هدرها، مما يخلق فرصاً للصناعات عبر سلسلة القيمة.

يؤكد التقرير كذلك على أن تغيير الطريقة التي نزرع بها، أمر بالغ الأهمية لنجاح هذا التحول. ويمكن تنفيذ العديد من هذه التدابير بتكلفة قليلة أو بدون تكلفة على المزارعين، ولها فوائد تتجاوز تخفيض الانبعاثات، بما في ذلك رفع الإنتاج والتنوع البيولوجي، وتقليل الإفراط في استخدام الأسمدة، وإدارة الإجهاد الحراري، وكهربة الآلات الزراعية، وتحسين كفاءة استهلاك الوقود في مركبات الصيد، وتعزيز الكفاءة في استخدام الأسمدة.

في النهاية، الهدف من الزراعة المستدامة هو تلبية احتياجات المجتمع من الغذاء في الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها هي الأخرى، وهو الهدف الذي يسعى جميع ممارسي ومروجي الزراعة المستدامة إلى الوصول إليه.

You may also like