أكد مشاركون في جلسة “استثمارات المستقبل. من سيرسم مسارها؟”، التي شهدها اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات 2024، أمس، سيطرة ثلاثي الطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على قطاع الأعمال خلال الفترة المقبلة، مشيرين إلى أن الاستثمارات المستقبلية في كافة المجالات سوف تعتمد على هذا الثلاثي بشكل كامل، ما سيؤثر بشكل كبير في الإنتاج وسوق العمل والمهارات المطلوبة للتوظيف.
واتفق المشاركون في الجلسة التي حضرها معالي الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، وجمعت كلاً من خلدون خليفة المبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة مجموعة “مبادلة للاستثمار”، وستيفن باليوكا، المؤسس والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة PagsGroup، ومالك Boston Celtics، وروس بيرو الابن، رئيس مجلس إدارة Perot Group، على أن الطاقة ستظل العنصر الأساسي الأكثر تأثيراً في الاستثمارات المستقبلية، حيث ستؤثر في استمرارية دول كبرى في المنافسة، وعلى رأسها ألمانيا التي تعاني من نقص في الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وتوقع معالي خلدون خليفة المبارك، أن يكون 2024 عاماً فاصلاً للغاية في التحولات التقنية والطاقة، مضيفاً: “عندما ننظر إلى الأوضاع في السنوات المقبلة، سنجد عدة قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية والإمدادات والتكنولوجيا، هي المهيمنة بشكل كبير على مستقبل قطاع الاستثمارات، وهذه القطاعات هي ما تركز عليها مجموعة “مبادلة للاستثمار”، كما تركز عليها دولة الإمارات من خلال خططها التنموية”.
وأضاف معاليه أن العديد من الدول تمكنت خلال العامين 2022 و2023 من اتخاذ القرارات الصحيحة حول التحولات الاقتصادية والاستثمارية، وبالنظر إلى العناوين الرئيسة في القطاعات الأساسية ومنها التكنولوجيا، فإن التركيز يكون على النمو بحد ذاته.
وأشار معاليه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل سوقاً جاذباً للاستثمار، بما تمتلكه من تفوق كبير في التكنولوجيا، وما تمتلكه من مصادر للطاقة، إضافة إلى تعدد مراكز الابتكار بها، وتدفق رأس المال في السوق الأمريكي.
وتابع: “وعلى الرغم من هذا التفوق الكبير للسوق الأمريكي، إلا أن هناك العديد من النجاحات لأسواق أخرى على مستوى العالم، منها السوق الهندي الذي يحتضن أكثر من 1.4 مليار نسمة، وحققت نسب نمو تتراوح بين 7 و8%”.
وأضاف المبارك: “الأمر نفسه ينطبق على الصين، التي يصل عدد مواطنيها إلى مليار و400 مليون نسمة، ويشهد السوق الصيني توسعاً كبيراً خلال السنوات الثلاث الماضية، وإضافة إلى ذلك يوجد العديد من النماذج الاقتصادية الناجحة في العالم، وهو ما يتوجب علينا الانفتاح على دول الشرق والغرب والشمال والجنوب”.
وقال معالي خلدون المبارك: “اعتبرت دولة الإمارات جائحة كورونا تحدياً منذ ظهورها في العام 2020، وقامت الدولة بدور أساسي في مواجهة كل التحديات الاقتصادية في كافة المجالات، واعتبرت أن تلك الأعوام الثلاثة من 2020 إلى 2022 هي بداية مرحلة جديدة تركز على العنصر البشري والتحولات الكبيرة في مجالات متعددة”.
ولفت إلى أن دولة الإمارات من أكبر المستثمرين في مجال التحول في الطاقة، حيث إن الاقتصاد الأخضر يعد حاضر المجتمعات، لذلك تضخ فيه دولة الإمارات استثمارات كبيرة، إضافة إلى تركيزها على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي الذي يعد جزءاً مهماً من التنمية المستقبلية.
وأكد معاليه أهمية مصادر الطاقة التقليدية والتي يجب عدم تجاهلها في ظل الاهتمام بالطاقة المتجددة التي ترتفع تكلفتها، حيث من الضروري عدم التقليل من شأن مطالب الطاقة، إضافة إلى أن العالم يدرك أن الطلب سيكون متزايداً عليها، منوهاً بأن سلاسل الإمداد مقيدة، وسيبرز آثار ذلك خلال العامين المقبلين.
تطورات كبيرة
من جانبه، قال ستيفن باليوكا، المؤسس والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة PagsGroup، ومالك Boston Celtics، إن العام 2024 سيؤثر في حياة الشعوب لفترات طويلة، وذلك بما يحمله من تطورات كبيرة، وبما يشهده من تنامٍ في الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا التي دخلت في جميع المجالات، إضافة إلى ذلك يمكن الحديث عن التعلم الآلي، والتحول في مجال الطاقة، وهما من الأمور التي سنركز عليها خلال السنوات العشر المقبلة.
وأضاف باليوكا أن معدلات الدين العام تراكمت بشكل واضح، وأصبح الأشخاص يشتكون من تراكم الفائدة، حيث بلغ ارتفاعها 5% وليس 1%، في السنة الواحدة، مؤكداً أن معدلات الفائدة لن تنخفض بشكل سريع، إذ إن هناك قرارات يجب أن تُتخذ بشكل تدريجي.
وتابع قائلاً: “أجرينا دراسة وركزنا على الاقتصاد الأمريكي، وتوصلنا إلى أن هذا الاقتصاد مستمر، وذلك بناء على ما حققه خلال السنوات العشر الماضية، ولكن مؤخراً شهد ارتفاعاً في الفائدة راوحت معدلاتها بين 4.5% و5%، وقد اعتاد المواطنون الأمريكيون هذه التحولات، ولكن إذا استمر العجز سيعاني السوق الأمريكي بشكل كبير”.
وأشار باليوكا إلى أن الانفصال اقتصادياً عن الصين يؤثر في التجارة العالمية، لذلك لا بد من وجود ديناميكية اقتصادية خلال السنوات العشر المقبلة.
وذكر أن الاقتصاد الأمريكي عاش خلال العام 1999 فقاعة التكنولوجيا، ونظر الشركاء إليها بكثير من الخوف والترقب، إلا أن هذا القطاع شهد تطوراً وتحولاً كبيرين لاحقاً، حيث ظهر الذكاء الاصطناعي الذي يمتد إلى العديد من القطاعات، ويظهر ذلك من خلال شبكات مثل جوجل وفيسبوك، وظهور الـ”شات جي بي تي”، وهذا يؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيكون واحداً من العوامل الخمسة للتطوير مستقبلاً.
و لفت إلى أن أكبر مخاوفه خلال الفترة الحالية، هو التحول إلى الشعبوية التي تقسم العالم، لذلك فإن الدول يجب أن تأخذ خطوة إلى الوراء وتعمل معاً لاقتراح طرق تجارية جديدة حتى لا ينفجر العالم.
, قال روس بيرو الابن، رئيس مجلس إدارة Perot Group، إن سلاسل الإمدادات في العالم عانت خلال فترة جائحة كورونا، ولكنها تتلمس الانتعاش في الفترة الحالية، خصوصاً في الصين، مضيفاً: “على الرغم من الانتعاش الذي تشهده سلاسل الامدادات في مناطق من العالم كالصين والهند، إلا أنها تأثرت بشكل كبير بسبب الحرب في غزة وما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر”.
وأكد أن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بالقوة ولن يعاني من مشكلة، كما أن السوق الأمريكي سيشهد تعافياً سريعاً، موضحاً أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق أكثر من الواردات، إلا أن لديها اقتصاداً صناعياً قوياً، إضافة إلى أن القادة في الولايات المتحدة سيتجنبون الركود خلال العام الجاري، حيث يشهد هذا العام انتخابات رئاسية، ولذلك من غير المتوقع أن يعتمدوا تخفيضاً جديداً لسعر الفائدة.
وحول تأثير الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، ذكر روس أن الذكاء الاصطناعي موجود منذ فترة طويلة، ولكن السؤال المهم هو كيف يتم التركيز عليه؟ إذ من الضروري التركيز على استخداماته، بحيث يكون مفيداً للمجتمعات، داعياً أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين إلى تخصيص استخدام الذكاء الاصطناعي ومتابعة ذلك عالمياً.
وبالنسبة لتأثيرات الطاقة، أوضح روس أن الحرب الأوكرانية الروسية أثرت بشكل كبير في إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وخصوصاً ألمانيا التي تعاني نقصاً كبيراً في الطاقة، ما تسبب في هجرة عدد كبير من الشركات والاستثمارات من ألمانيا إلى ولاية تكساس الأمريكية، وبذلك فإن الطاقة تمنح الولايات المتحدة الفرصة للتنافس في مجال الطاقة التي سيكون الطلب عليها كبيراً مستقبلاً.