في الآونة الأخيرة، تصاعد الاهتمام بين الشركات لتبني مفاهيم الاستدامة والحوكمة البيئية و الاجتماعية والمؤسسية، بالتوازي مع زيادة الاهتمام بملف العمل المناخي وزيادة الوعي بأهمية تخفيض البصمة الكربونية.
وعزز اهتمام الشركات بالاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، استضافة الدولة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في نوفمبر عام 2023، والذي تلاه إعلان الإمارات لتمديد عام الاستدامة ليشمل 2024.
وفي هذا السياق، أجرت غرفة تجارة دبي، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، استطلاعاً خاصاً بالممارسات البيئيّة والاجتماعيّة والحوكمة (ESG)، والذي عمل على تحليل الدوافع الرئيسية التي تحفز الشركات العاملة في دبي لتبني هذه الممارسات، كما ناقش التخديات التي تواجهها أثناء محاولات تبني الاستدامة.
ووفقاً لبيان صحفي صدر عن الغرفة، أظهرت نتائج الاستطلاع أن الدوافع الرئيسية لتبني الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة من قبل الشركات المشاركة في الاستطلاع تشمل دوافع اقتصادية مثل رفع الكفاءة، والحفاظ على التنافسية في السوق بالإضافة إلى الفوائد التشغيلية، إضافة إلى الدوافع المرتبطة بالقيم المؤسسية مثل التزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى تعزيز الريادة في الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وقال سعادة محمد علي راشد لوتاه، مدير عام غرف دبي، في تصريحات خاصة لمنصة ESG Mena Arabic: “نجح استطلاع “نبض الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة” في تشكيل رؤى معمقة حول مدى نضوج الممارسات البيئيّة والاجتماعيّة والحوكمة لدى مجتمع الأعمال في دبي، بالإضافة إلى رصده الدوافع الرئيسية التي تحفز الشركات العاملة في دبي على تبني هذه الممارسات”.
وتابع: “تساهم النتائج المشجعة التي قدمها الاستبيان في تطوير مبادرات وأدوات تساهم في تطوير أجندة هذه الممارسات، بما يشمل برنامج علامة غرفة تجارة دبي للممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة”، معلقاً: ” نؤكد التزامنا بتعزيز الجهود لتسريع تبني ممارسات الأعمال المستدامة من قبل القطاع الخاص، بما يحفز المساهمة الإيجابية، ويرسخ ريادة دبي عالمياً في هذا المجال”.
62% من الشركات تتبنى الاستدامة بشكل كامل
واستخدم الاستطلاع أربعة مستويات لقياس تبني الممارسات البيئيّة والاجتماعيّة والحوكمة، فيشير المستوى “الشامل” إلى أعلى مستوى والذيت يتم فيه تبني كافة محاور الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة بشكل متكامل، يليه المستوى “الراسخ”، أي أن التركيز ينصب على بعض محاور الممارسات بشكل رئيسي ومنهجي، ومن ثم يأتي المستوى “المحدود”، والذي يعني اتباع أسلوب غير منهجي في تبني بعض الممارسات فقط، بالإضافة إلى المستوى الأخير وهو عدم وجود برنامج خاص بالممارسات المسؤولة.
وأظهرت نتائج استطلاع “نبض الممارسات البيئيّة والاجتماعيّة والحوكمة”، الذي أجرته غرفة تجارة دبي ممثلة بمركز أخلاقيات الأعمال التابع لها خلال النصف الثاني من عام 2023؛ أن 62% من الشركات المشاركة تتبنى الممارسات البيئيّة والاجتماعيّة والحوكمة بمستوى “شامل” أو “راسخ”، كما رصد الاستطلاع أن 26 % من الشركات تتبنى الممارسات على مستوى “شامل”، فيما أعربت 36 % منها أن تبنيها لهذه الممارسات على مستوى “راسخ”.
وأشارت 36 % من الشركات إلى أنها تتبنى الممارسات على مستوى “محدود”، في حين ذكرت 8% من الشركات التي شاركت بالاستبيان أنها لا تتبنى برنامجاً للممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
ما الذي يدفع الشركات إلى تبني ممارسات الاستدامة والحوكمة؟
وقدم الاستطلاع نظرة حول دوافع وقيود اعتماد ممارسات ESG، مع التركيز على أهمية البيانات وإدارة البيانات ووجود الإدارات المتخصصة. كما سلط الضوء على الاتجاهات العالمية مثل فجوة المهارات وتباين معدلات التوظيف، مما يُساعد في فهم العوامل التي تُؤثر على تبني الشركات لممارسات ESG .
ووجد الاستطلاع أن الشركات تميل إلى اعتماد ممارسات ESG طوعاً، إيماناً منها بأنها الخيار الأمثل لتحقيق الأهداف المرجوة، لكنها في الوقت نفسه تواجه عدد من التحديات، منها نقص البيانات، حيث أشار إلى أن نشر تقارير ESG لا يزال في مراحله الأولى، ويعود ذلك بشكل كبير إلى نقص البيانات الكافية.
في السياق ذاته، وجد الاستطلاع أنه على الرغم من أهمية البيانات في تقييم وتنفيذ ممارسات ESG، إلا أن العديد من الشركات لا تزال تعتمد على جمع البيانات يدوياً، مما يُعيق تقدمها في هذا المجال، كما رصد غياب الإدارات المتخصصة، ففي الوقت الذي بدأت العديد من الشركات بإعداد تقارير ESG، لاحظت الدراسة أن ثلثها تقريباً لا يملك إدارة أو فريقاً مخصصاً للإشراف على تنفيذ ممارسات ESG.
وعلى الجانب الآخر، أظهر تقرير آخر صدر عن طومسون رويترز أن نقص المهارات المتخصصة في مجال ESG يُعد أحد العوائق الرئيسية أمام تقدم هذه الممارسات على مستوى العالم، كما وجد أن التباين في معدلات توظيف موظفي ESG بين مختلف المناطق، يُؤثر على اعتماد هذه الممارسات.
دفع المزيد من الإجراءات إلى الأمام
وخلص التقرير في النهاية إلى أنه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع لتحسين الوضع، لكن من المهم اكتساب الشركات للمعرفة المناسبة بمعايير ESG، والتحقق من مصادرها، وتطوير أطر منهجية لقياس مدى نضج ممارسات ESG.
وأضاف أن الأطر المؤسسية والحوافز من أصحاب المصلحة الرئيسيين، تعد عوامل مهمة لديها القدرة على تسريع تبني معايير ESG بين مجتمع الأعمال في دبي.