Home قصص تحليلية مسؤولون بـ «جي إي فيرنوفا» يتحدثون عن تحديات الطاقة العالمية: موازنة النمو والموثوقية وخفض الانبعاثات

مسؤولون بـ «جي إي فيرنوفا» يتحدثون عن تحديات الطاقة العالمية: موازنة النمو والموثوقية وخفض الانبعاثات

by Hadeer Elhadary

مع الارتفاع غير المسبوق في الطلب العالمي على الطاقة نتيجة التحول الرقمي والتوسع الصناعي ونمو مراكز البيانات، تلعب شركة «جي إي فيرنوفا» – التي انفصلت عن «جنرال إلكتريك» لتعمل كشركة طاقة مستقلة – دوراً محورياً في تمكين إمدادات طاقة موثوقة ومستدامة حول العالم.

في هذه المقابلة، تتحدث مافي زينغوني، الرئيس التنفيذي لأعمال الطاقة في «جي إي فيرنوفا»، وجوزيف ج. أنيس، الرئيس والمدير التنفيذي لأعمال الغاز في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، عن كيفية تعامل الشركة مع التحديات المتزايدة في قطاع الطاقة، من تأمين الإمدادات وخفض الانبعاثات إلى تطوير الكفاءات المحلية وتعزيز الاستثمارات المستدامة.

كيف تصفون موقع «جي إي فيرنوفا» في قطاع الطاقة بعد أكثر من عام على استقلالها كشركة قائمة بذاتها؟
مافي زينغوني:
تنتج معدات «جي إي فيرنوفا» نحو ربع الكهرباء المولدة حول العالم. نحن نغطي جميع تقنيات توليد الطاقة الكبرى – الغاز والطاقة النووية والمائية والبخارية وطاقة الرياح – كما نوفر حلول البنية التحتية للشبكات التي تدعم ما يقارب 80% من الشبكات الكهربائية العالمية. هذا التنوع يمنحنا القدرة على التعامل مع جميع أنواع مصادر الطاقة دون انحياز تكنولوجي. يشهد العالم حالياً زيادة في الطلب على الكهرباء هي الأسرع منذ قرن، ويعود ذلك جزئياً إلى نمو مراكز البيانات التي تتطلب موثوقية عالية جداً. لذلك نحتاج إلى مزيج يجمع بين التوليد الأساسي مثل الغاز والطاقة النووية، والمصادر المرنة مثل الطاقة المتجددة. هدفنا هو توفير طاقة يمكن الاعتماد عليها وتكون في الوقت نفسه ميسورة التكلفة وآمنة ومستدامة.

تغير الخطاب العالمي من مصطلح «التحول في الطاقة» إلى «إضافة الطاقة». كيف تفسرون هذا التحول؟
مافي زينغوني:
هذا التحول يعكس حجم الطلب المتزايد. فالعالم اليوم يحتاج إلى جميع التقنيات المتاحة لتلبية احتياجاته. لكن هذا لا يعني التراجع عن مسار خفض الانبعاثات، بل على العكس؛ استبدال الفحم بالغاز يقلل الانبعاثات بنحو الثلثين، والطاقة النووية توفر قدرة أساسية عالية من دون أي انبعاثات كربونية. نستثمر أكثر من مليار دولار سنوياً في البحث والتطوير لابتكار تقنيات المستقبل. المشاريع التي كانت قيد الدراسة العام الماضي أصبحت الآن واقعاً، مثل محطة الدورة المركبة للغاز في المملكة المتحدة المزوّدة بتقنية احتجاز الكربون، والمفاعل الصغير المعياري في كندا. كما نعمل في العراق على تحديث محطات قائمة لرفع كفاءتها. إنها رحلة مستمرة تجمع بين تقنيات الحاضر وحلول المستقبل.

مع التوسع الكبير في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، كيف تتعامل «جي إي فيرنوفا» مع الطلب الإضافي على الطاقة؟
مافي زينغوني:
المسألة لا تتعلق بالاختيار بين بناء محطات جديدة أو تحديث القديمة، بل نحن بحاجة إلى كليهما. التخلي عن أي تقنية في الوقت الحالي قد يهدد استقرار الإمدادات. في الماضي كنا نقول إن هدفنا هو «الإبقاء على الأضواء»، أما الآن فأصبح الهدف أيضاً «الإبقاء على الخوادم تعمل». في المشروعات الجديدة نركز على الدمج بين توليد الغاز كمصدر أساسي وبين الطاقة المتجددة والتخزين، مع ضمان توفر البنية التحتية المناسبة مثل الربط الكهربائي وأنظمة التبريد والأطر التنظيمية الداعمة. اليوم أصبحت الشركات تحدد مواقع مراكز البيانات بناءً على توفر الطاقة وليس العكس. كما نستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التخطيط والتوقيت وإدارة المشاريع بشكل أكثر كفاءة.

كيف ترون التحول العالمي نحو مبدأ «توازن الطاقة» وانعكاسه على منطقة الشرق الأوسط؟
مافي زينغوني: هناك تحول عالمي نحو نهج أكثر واقعية. فموازنة أضلاع «معادلة الطاقة» – الموثوقية والتكلفة والاستدامة – تختلف من منطقة إلى أخرى. هناك نحو 800 مليون إنسان ما زالوا بلا كهرباء موثوقة، وأولويتهم هي الحصول على الطاقة بالدرجة الأولى. في الهند مثلاً لا يزال الفحم ضرورياً بسبب محدودية الغاز، بينما في الولايات المتحدة يشكل الغاز الخيار الأقل انبعاثاً والأكثر عملية. أما أوروبا فقد أدركت أن التركيز المفرط على خفض الانبعاثات قد يؤثر في القدرة التنافسية. في الإمارات نرى نموذجاً متوازناً يجمع بين الطاقة المتجددة والغاز منخفض الكربون، ما يحقق استدامة واستقراراً في الوقت ذاته. بالنسبة لنا في «جي إي فيرنوفا»، رسالتنا واضحة: «الكهربة من أجل الازدهار». فالكهرباء الموثوقة هي أساس التقدم، وخفض الانبعاثات يجب أن يسير بالتوازي مع النمو الاقتصادي.
جوزيف ج. أنيس: تمتلك منطقة الشرق الأوسط مقومات قوية بفضل مواردها الطبيعية وقدراتها الاستثمارية ورؤيتها طويلة المدى. محفظتنا التقنية تتيح لنا دعم هذا التوازن من خلال حلول تشمل الغاز والطاقة المتجددة وتحديث الشبكات.

تطوير الكفاءات المحلية أصبح أولوية لدى كثير من الحكومات. كيف تتعاملون مع هذا الملف؟
جوزيف ج. أنيس: لدينا حضور صناعي كبير في المنطقة، يشمل مرافق لتصنيع وصيانة توربينات الغاز في السعودية والجزائر والإمارات. كما نتعاون مع جامعات محلية لتعزيز التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتشجيع الشباب على اختيار مسارات مهنية في الهندسة والطاقة. مع تضاعف الطلب العالمي على الكهرباء، سنحتاج إلى عدد أكبر من المهندسين والفنيين المهرة. أيضاً، حكومات المنطقة، خصوصاً في الإمارات والسعودية، تدرك أهمية ربط التعليم بسوق العمل، وسد الفجوة بين مخرجات الجامعات واحتياجات القطاع الصناعي أمر أساسي لتعزيز فرص التوظيف بين الشباب.
مافي زينغوني: تلبية احتياجات الطاقة المستقبلية تتطلب تعاوناً بين الحكومات والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. نحن بحاجة إلى مهندسين وفنيين وعمال مهرة في مختلف التخصصات، والتعاون بين جميع الأطراف ضروري لتأهيل الكوادر التي سيحتاجها القطاع.

كيف تقيّمين وتيرة التمويل الأخضر والاستثمار المستدام في قطاع الطاقة اليوم؟
مافي زينغوني: التمويل الأخضر لا يغيّر اتجاهه بل يتسارع. المشاريع أصبحت أكبر حجماً وأسرع تنفيذاً. التزام الإمارات في مؤتمر «كوب 28» بأكثر من 270 مليار دولار يعكس حجم الجدية والدور المتنامي للمنطقة في قيادة جهود الاستدامة عالمياً.

ما هو نهج «جي إي فيرنوفا» في الاستثمار بمشروعات الطاقة والبنية التحتية في المنطقة؟
جوزيف ج. أنيس: دورنا الأساسي هو كمزود للتكنولوجيا وليس كمستثمر مباشر. في بعض الحالات نشارك في المراحل الأولى من تطوير المشاريع لدعم انطلاقها، لكننا ننسحب عادة بعد دخولها مرحلة التشغيل. تركيزنا ينصب على توفير تقنيات متقدمة قادرة على مواجهة تحديات الطاقة الحالية والاستعداد لاحتياجات المستقبل.

You may also like