أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف COP28، أن الرؤية الاستشرافية للقيادة رسخت مكانة دولة الإمارات في المجتمع الدولي وعززت دورها الريادي في قيادة الجهود المناخية والتنموية لبناء مستقبل مستدام للبشرية وكوكب الأرض.
جاء ذلك خلال كلمة معاليه في باكو بمناسبة تسليم رئاسة مؤتمر الأطراف إلى جمهورية أذربيجان الصديقة، معلناً ختام مدة رئاسة دولة الإمارات للمؤتمر والتي حفلت بالعديد من الإنجازات العملية والملموسة عبر جميع أهداف العمل المناخي، ومجدداً الدعوة إلى كافة الأطراف للبناء على إنجازات COP28 التاريخية في مجالات العمل المناخي والنمو الاقتصادي والاجتماعي، خلال الأسبوعين القادمين في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وثمَّن معاليه عالياً تشجيع ودعم وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات “حفظه الله”، التي قادت فريق COP28 للوصول إلى أعلى الطموحات. وشدد معاليه على أن نجاح COP28 ما كان ليتحقق لولا الدعم اللامحدود من قيادة وحكومة دولة الإمارات، منوهاً بجهود اللجنة العليا للإشراف على COP برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ومشيداً بتضافر جهود جميع الجهات والمؤسسات وفرق العمل والأفراد والمجتمع في الدولة.
وقال معاليه إن “اتفاق الإمارات” التاريخي أصبح إنجازاً ملموساً، رغم أنه بدا مستحيلاً لكثيرين، وأنه تحقق من خلال جهود كافة المفاوضين في COP28 الذين أثبتوا كفاءتهم وتميزهم وقدرتهم على إحداث نقلة نوعية عبر العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف، ونجحوا في تغليب العزم والإصرار على الشكوك والمخاوف ليتمكنوا من تحقيق العديد من الإنجازات العالميةً الرائدةً وإحراز تقدم استثنائي في العمل المناخي.
وأشار معاليه إلى الأهمية الاستثنائية لإنجازات COP28 في ضوء ما تشهده المرحلة الحالية من تعقيدات وصراعات، مؤكداً انحياز دولة الإمارات دائماً إلى جانب تغليب الشراكة في مواجهة التفرق، والحوار في مواجهة الانقسام، والسِلم بدلاً عن التشاحن، كما أعرب عن امتنانه لتولي مهمة رئاسة COP28، وتوجه بالشكر لكل من ساهم في التوصل إلى “اتفاق الإمارات” التاريخي، ببنوده الشاملة والمتكاملة.
جدير بالذكر أن “اتفاق الإمارات”، منذ إقراره خلال COP28 في العام الماضي، أصبح الإطار المرجعي للطموح المناخي العالمي والتنمية المستدامة، وتضمن إجراءات وإنجازات غير مسبوقة عبر جميع أهداف العمل المناخي، من أهمها تكريس التوافق على تحقيق انتقال مُنظّم ومسؤول وعادل ومنطقي وواقعي في قطاع الطاقة، ووضع أهداف لزيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة والحد من إزالة الغابات بحلول عام 2030.
وأضاف معاليه أن المبادرات الخاصة بـ “اتفاق الإمارات” وخطة عمل COP28 استمرت في اكتساب مزيد من الزخم والتأييد الدولي في الأشهر التي تلت ختام المؤتمر، وأوضح أن “ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز” أصبح أكثر المبادرات خفض الانبعاثات شمولاً لمؤسسات القطاع الخاص حتى الآن حيث بلغ عددها حالياً 55 شركة تمثل 44% من الإنتاج العالمي للنفط.
وسلّط معاليه الضوء على أهمية التعاون الدولي، وأشار إلى فعالية “المجلس” التي عُقدت أوائل الشهر الجاري في أبوظبي، وضمت مجموعة من أبرز الخبراء في مجالات المناخ والطاقة والذكاء الاصطناعي للقيام بجهد متكامل لتحفيز النمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات، مؤكداً ضرورة تعاون القطاعات لدعم النمو الاقتصادي بالتزامن مع خفض الانبعاثات، وتحقيق التقدم المناخي والاقتصادي والاجتماعي، وتحويل الإعلانات المكتوبة إلى خطوات واقعية وملموسة.
ولفت معاليه إلى ضرورة الاستفادة من أحدث التقنيات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لدفع النمو منخفض الانبعاثات والتنمية البشرية، وضمان إعداد الكوادر المجهَّزة بالمهارات والمعرفة اللازمة لتطوير الاقتصاد الأخضر.
وأشاد معاليه بالتطور الذي تم في مجال التمويل المناخي، واختيار الفلبين كدولة مستضيفة لمجلس إدارة “صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار”، ودعا معاليه الأطراف إلى المساهمة في تمويل الصندوق، الذي تم تفعيله وبدء تمويله خلال COP28 في العام الماضي، ووصل إجمالي تعهدات وترتيبات تمويله حالياً إلى 853 مليون دولار.
وأشار معاليه أيضاً إلى أهمية صندوق “ألتيرّا” الذي تم إطلاقه خلال COP28، ليكون أكبر صندوق عالمي لتحفيز تمويل العمل المناخي، وأوضح أن الصندوق نموذج يجب البناء عليه حيث استثمر بالفعل 6.5 مليار دولار بالتعاون مع مجموعة من كبرى الشركات الاستثمارية لدعم مشروعات لإنتاج الطاقة النظيفة عبر خمس قارات. وأكد معاليه أهمية اعتماد هدف جماعي جديد للتمويل في COP29، بما يعزز تنفيذ بنود “اتفاق الإمارات”.
وأوضح معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر أن COP28 فتح آفاقًا جديدة وحقق إنجازات غير مسبوقة في مجال العمل المناخي، من أبرزها إنشاء “ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف” التي تعدُّ نموذجاً رائداً
للتعاون والتنسيق بين رئاسات COP28 وCOP29 وCOP30 وتحفيز الجهود العالمية، ولفت إلى أن الترويكا ستستمر في حشد جهود كافة المنصات متعددة الأطراف، بما يشمل منظومة الأمم المتحدة ومجموعة العشرين، لترسيخ إرث “اتفاق الإمارات”، ودعا كافة الأطراف إلى اتباع خريطة الطريق التي وضعتها ترويكا لمهمة 1.5 درجة مئوية.
وقال معاليه إن التاريخ سيحكم على نجاح “اتفاق الإمارات” من خلال الإجراءات العملية الملموسة لتنفيذه وليس من خلال التعهدات الواردة بين نصوصه، وأكد أهمية التحلي بذهنية إيجابية وتطبيقها عبر منظومة العمل بأكملها، كما دعا إلى التركيز على تحقيق الإنجازات والنتائج العملية وعدم الاكتفاء بالأقوال وإطلاق الوعود.