شهد اليوم الثالث من المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 انتقالاً من مرحلة المخرجات إلى مرحلة التنفيذ العملي، حيث جرى تحويل الالتزامات إلى مسارات ملموسة قابلة للتطبيق في مجالات المحيطات والتمويل والعمل المجتمعي.
وبرزت القيادة الإقليمية والتعاون الدولي في أرجاء المؤتمر، حيث تناول الاجتماع الإقليمي لمنطقة أوقيانوسيا أولويات العمل المشتركة، كما شهد جناح دولة الإمارات إطلاق النسخة العربية من المعيار العالمي للمناطق الرئيسية للتنوع البيولوجي، بما يعزز بناء القدرات ودعم الجهود عبر الدول الناطقة بالعربية. كما جرى تسليط الضوء على الشراكات البحرية من خلال عروض استعادة الشعاب المرجانية وحوارات الاقتصاد الأزرق، وتبادل الخبرات بين مناطق القطب الجنوبي وإفريقيا والبحر الأحمر.
وواصل الشباب والمجتمعات المحلية دورهم الحيوي في صياغة جدول أعمال المؤتمر، وذلك من خلال جلسات ركّزت على الاقتصادات الإيجابية للطبيعة، والوظائف الخضراء، والحوكمة المجتمعية، ودور المرأة في إدارة الموارد المائية. كما أضفت الجلسات الثقافية بعداً إنسانياً غنياً عبر الفن والسرد القصصي، معبّرةً عن الترابط بين جهود الحفظ والحياة اليومية.
وفي الجلسات الصباحية، جرى التركيز على تحويل الالتزامات إلى عمل فعال، من خلال حوار رفيع المستوى حول العمل من أجل المحيطات، استعرض أولويات تعزيز مرونة النظم البحرية وتمكين السواحل ودعم سبل العيش المستدامة. كما تناولت جلسات المنتدى التدريب العملي على أدوات علمية متقدمة مثل القائمة الحمراء للنظم البيئية، وآليات التمويل الأفضل لمبادرات الحفظ، ومشاركة الشباب في صنع السياسات البيئية.
وتطرقت الجلسات إلى آليات التمويل والحوكمة، بما في ذلك اعتمادات التنوع البيولوجي، والتمويل المدمج لدعم الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، ومواءمة التدفقات المالية مع أهداف الطبيعة. كما ناقشت الجلسات الجوانب القانونية وحقوق الإنسان في جهود الحفاظ على الطبيعة، من خلال الآراء الاستشارية للمحاكم الدولية حول المناخ، ومقاربات العدالة والمصالحة البيئية.
وعلى امتداد المعرض والأجنحة المشاركة، استعرض المشاركون أدوات مبتكرة لتحويل الأفكار إلى أفعال، من بينها منصة حلول بانوراما ومنصة المساهمات من أجل الطبيعة، إلى جانب مبادرات التواصل من أجل تأثير بيئي أكبر.
واستعرض تقرير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة حول التراث العالمي الطبيعي الإجراءات اللازمة لحماية المواقع المدرجة ضمن اتفاقية اليونسكو من التهديدات المحتملة.
وشهد اليوم الثالث تكريم حماة الطبيعة عبر جوائز حماة الدوليين تقديراً لشجاعتهم وإخلاصهم، إلى جانب جائزة “التقنيات من أجل الطبيعة” وجائزة “السياسات المستقبلية للعالم” التي نظّمها المجلس العالمي للمستقبل، احتفاءً بالابتكار والسياسات الرائدة للعيش في انسجام مع الطبيعة.
وواصل موضوع الابتكار حضوره محوراً رئيسياً خلال اليوم، حيث اطّلع المشاركون على تطبيقات التكنولوجيا في رصد واستعادة النظم البيئية، بما في ذلك حماية الشعاب المرجانية باستخدام تقنيات مراقبة متقدمة، والحلول الرقمية لحماية الأنواع والموائل الطبيعية مثل خريطة حماية الحياة البرية ومنصة OlmoEarth التي توظف الذكاء الاصطناعي لصون كوكب الأرض.
وقالت معالي الدكتورة أمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة: “ركز اليوم الثالث على التنفيذ العملي، حيث شهدنا أدوات وحلولاً مالية وقانونية تساعد الدول والمجتمعات على تحويل الأهداف إلى نتائج ملموسة. تقوم رؤيتنا على ربط مرونة المحيطات واستعادة الطبيعة والعمل المناخي بالأمن الغذائي والمائي، لضمان التقدم المتوازن للإنسان والكوكب.”
وأضافت سعادة رزان المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة: “من جلسات المحيطات إلى التمويل والتكنولوجيا، أثبت اليوم أن القيادة التعاونية هي المفتاح لتسريع تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، فعندما تتكاتف الحكومات والقطاع الخاص والشعوب الأصلية والشباب والمجتمع المدني، تتحول الطموحات إلى تأثير ملموس.”
من جانبها، قالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، المستشار الإقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، ونائب رئيس المجلس العالمي للهدف الـ 14 للتنمية المستدامة: “تواصل إمارة أبوظبي دورها الريادي باعتبارها منصة عالمية لصنع الحلول المستدامة، والمستوحاة من الثقافة، والمدعومة بالسياسات والتمويل. ويسهم عمل جناح دولة الإمارات حول المناطق الرئيسية للتنوع البيولوجي وحواراتنا الإقليمية في تسريع الانتقال من المشروعات التجريبية إلى الحلول القابلة للتطبيق على نطاق واسع.”
ومن المقرر أن يواصل المشاركون في اليوم الرابع من المؤتمر تعزيز التعاون في استعادة الأنواع، والطبيعة في المدن، ومسارات التنفيذ، مع الحفاظ على الزخم في العمل المناخي والتمويل الأخضر والحوكمة الشاملة، بما يعزز دور أبوظبي كمركز عالمي للدبلوماسية البيئية والعمل المناخي التعاوني.
ويُعقد المؤتمر في دولة الإمارات العربية المتحدة بتنظيم مشترك بين وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة – أبوظبي، خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر، بمشاركة أكثر من 10 آلاف مشارك ضمن الجمعية العامة للأعضاء والمنتدى والمعرض المصاحب.