Home قصص تحليلية سدّ فجوة التمويل: الدكتور أمجد المهدي يتحدث عن تعزيز أمن المياه والتكيف مع المناخ في مؤتمر الأطراف «كوب 30»

سدّ فجوة التمويل: الدكتور أمجد المهدي يتحدث عن تعزيز أمن المياه والتكيف مع المناخ في مؤتمر الأطراف «كوب 30»

by Hadeer Elhadary

في الوقت الذي يجتمع فيه قادة العالم في مدينة بليم البرازيلية بين 10 و21 نوفمبر لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ «كوب 30»، يحتل أمن المياه موقعاً محورياً في المفاوضات المناخية، لا سيّما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تُعدّ من أكثر مناطق العالم شحّاً في المياه.

في هذا الحوار، يتحدث الدكتور أمجد المهدي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصندوق المناخ الأخضر (GCF)، عن أبرز أولويات تعزيز المرونة المائية، والدروس المستفادة من مؤتمرات المناخ السابقة، وما الذي يُشكّل مؤشراً حقيقياً على نجاح المؤتمر في تحويل التعهدات إلى تنفيذ فعلي على الأرض.

– أصبح أمن المياه في صميم النقاشات المناخية. ما هي أبرز الأولويات أو التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هذا المجال خلال «كوب 30»؟

تتمثل الأولويات الرئيسية في: (1) توسيع نطاق الاستثمارات المتكاملة بين المياه والمناخ، التي تجمع بين إدارة العرض والطلب واستعادة النظم البيئية؛ (2) تعزيز التعاون عبر الحدود وتحسين أنظمة البيانات والمعلومات؛ و(3) تعبئة التمويل المدمج للمشروعات غير التقليدية في قطاع المياه، مثل تحلية المياه بالطاقة المتجددة، وإعادة تغذية الخزانات الجوفية، وإعادة الاستخدام. وقد أصدر صندوق المناخ الأخضر مؤخرًا إرشادات تصميم مشروعات المياه لدعم هذه المقاربات المتكاملة. أما التحديات الرئيسية فتشمل فجوات التمويل المستمرة في مجالات التكيف، وتعدد الجهات ذات الصلاحيات المتداخلة، وارتفاع تكاليف البنية التحتية المقاومة للمناخ، والحاجة إلى إعداد مشروعات قابلة للتمويل تلبّي معايير المستثمرين. وفي السياق الجاف للمنطقة، من الضروري إعطاء الأولوية للحلول القائمة على الطبيعة إلى جانب التكنولوجيا، وخلق نوافذ تمويل ميسّرة تقلّل من مخاطر الاستثمار، للانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ. إنّ أمن المياه يُعدّ ركيزة للاستقرار والمرونة في المنطقة. وقبيل «كوب 30»، تبرز ثلاث أولويات أساسية: (1) توسيع الاستثمارات المنسّقة التي تربط بين المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية؛ (2) تسريع الوصول إلى التمويل للبنية التحتية المقاومة للمناخ من خلال آليات مبسّطة مثل إجراء الموافقة المبسطة (SAP) لصندوق المناخ الأخضر؛ (3) تعزيز الحوكمة وأنظمة البيانات لدعم الإدارة المتكاملة للموارد المائية على المستويين الوطني والعابر للحدود. ويظل التحدي الأكبر هو ضعف الاستثمار في التكيف المائي بسبب ارتفاع المخاطر المتصوّرة وتجزئة الحوكمة. وبالتعاون مع «يون ووتر» استعدادًا لمؤتمر المياه العالمي 2026، يعمل الصندوق على تبنّي نهجٍ برامجي لتعزيز التنسيق الإقليمي والعالمي، وبناء القدرات التقنية، وجذب استثمارات القطاع الخاص في مشروعات المياه المتوافقة مع الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والمساهمات المحددة وطنياً.

-من وجهة نظركم، كيف يمكن للدول النامية تعزيز قدرتها على الوصول إلى تمويل المناخ لمشروعات المياه والتكيف؟
الدكتور أمجد المهدي:
يبدأ الوصول الفعّال من وجود مشروعات وطنية قوية ومؤسسات قادرة. فمن خلال برامج الجاهزية وخطط التكيف الوطنية (NAP)، يساعد صندوق المناخ الأخضر الدول على تحويل أولوياتها في مجال التكيف إلى مقترحات قابلة للتمويل. وتُعد إرشادات تصميم مشروعات المياه أداة أساسية لدعم هذا التحوّل. ولتعميق فرص الوصول إلى التمويل، ينبغي على الدول: إنشاء منصات وطنية تُنسّق بين المانحين والبنوك المتعددة الأطراف والمستثمرين الخاصين حول أولويات وطنية مشتركة؛ توسيع استخدام الأدوات المبتكرة مثل التمويل المدمج، وضمانات التمويل، ومبادلات الديون مقابل المناخ لتقليل المخاطر؛ إزالة الحواجز أمام الوصول إلى التمويل من خلال تسريع اعتماد الكيانات الوطنية والإقليمية المؤهلة، وتعزيز معايير النزاهة والضمانات البيئية والاجتماعية تدريجياً، وتوسيع الهياكل المدمجة التي تجمع بين المنح والقروض الميسّرة لجذب رأس المال الخاص؛ الاستثمار في الشفافية وبناء القدرات المؤسسية لتسريع إعداد المشروعات وجاهزيتها للتمويل. تتماشى هذه الخطوات مع الإصلاحات المطروحة ضمن عملية تمويل التنمية لبناء منظومة مالية عالمية أكثر بساطة وتنسيقاً ومساءلة، تُمكّن الدول النامية من الحصول على الموارد بالمستوى والسرعة المطلوبين.

– ما الدروس المستفادة من مؤتمرات الأطراف السابقة التي يجب أن يسترشد بها المفاوضون هذا العام لتحقيق نتائج أكثر فاعلية في التمويل والتنفيذ؟
الدكتور أمجد المهدي:
أظهرت مؤتمرات الأطراف السابقة أن الاتفاق على المبادئ ليس سوى الخطوة الأولى؛ إذ إن الآليات التشغيلية والجداول الزمنية الواضحة ومسارات التمويل المتوقعة هي التي تحدد ما إذا كانت الموارد ستصل إلى المجتمعات المتأثرة بالفعل. الدرس الأهم هو أن التعهدات وحدها غير كافية — فالدول بحاجة إلى مسارات تشغيلية تضمن أن التمويل متاح ويمكن التنبؤ به وسريع التنفيذ. كما أن التوسع في التمويل يتطلب توحيد أساليب إعداد المشروعات واعتماد أدوات موحدة لتقليل المخاطر، بما يتيح للمستثمرين مقارنة المخاطر بين الدول. ينبغي أن يركّز المفاوضون على إدماج الشفافية والمساءلة في تدفقات التمويل؛ تعزيز التكامل بين صناديق المناخ والبنوك التنموية المتعددة الأطراف لتجنّب التكرار؛ زيادة التمويل المخصّص للتكيف والتمويل الميسّر، خاصة للدول الأكثر هشاشة؛ ودفع الإصلاحات النظامية في هيكل التمويل العالمي ليصبح أكثر شمولاً واستجابة لاحتياجات الدول النامية. باختصار، ينبغي لـ«كوب 30» أن يترجم زخم الإصلاح إلى تنسيق عملي بين صناديق التمويل والبنوك التنموية والممولين من القطاع الخاص لتحويل الالتزامات إلى أثر ملموس.

ما الخطوات التي تراها ضرورية لتسهيل وصول الدول النامية إلى التمويل المخصص لمشروعات -المياه والتكيف المناخي؟

    . ومن مظاهر التقدم الملموس: وضع معالم واضحة لإصلاح الهيكل المالي الدولي بما يتيح تمويلاً ميسّراً على نطاق واسع؛ تفعيل أدوات التمويل المبتكرة مثل الهياكل المدمجة، والضمانات، والسندات المقاومة للمناخ؛ إطلاق شراكات برمجية — مثل التعاون الناشئ بين يون ووتر وصندوق المناخ الأخضر — لتسريع تمويل مشروعات المياه والتكيف؛ وزيادة ملموسة في مخصصات التمويل الموجهة للتكيف، مع تمكين الدول الهشّة من الوصول المباشر إلى الموارد. ينبغي أن يترك لنا «كوب 30» منظومة مالية عالمية منسّقة، وآليات وصول مبسطة، وأنظمة وطنية أكثر تمكيناً، لضمان تدفق التمويل المناخي بسرعة وفاعلية إلى من يحتاجه فعلاً. وفيما يخصّ قطاع المياه، فإن النجاح لا يُقاس فقط بالبيانات الطموحة، بل بالنتائج الملموسة: محافظ مشروعات جاهزة للتمويل في المناطق الهشّة — بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا — والتزامات زمنية محددة لتوسيع التمويل الميسّر والضمانات، إلى جانب تشغيل المكاتب الإقليمية وآليات الجاهزية لضمان التنفيذ السريع للمشروعات.

    النجاح في كوب 30 يعني تحويل الطموح إلى عمل. نريد أن نرى التزامات حقيقية لتوسيع تمويل التكيف، وتفعيل التعهدات، وتطبيق أدوات التمويل المدمج لمشروعات المياه والمرونة. وسيُقاس النجاح بسرعة وصول التمويل إلى الناس والنظم الأكثر احتياجاً.

    You may also like