Home » هل تتفاقم أزمة تغير المناخ في ظل تنامي استهلاك اللحوم؟

هل تتفاقم أزمة تغير المناخ في ظل تنامي استهلاك اللحوم؟

by Elhadary

يمكن القول بأن العلاقة بين تغير المناخ وأزمات الغذاء هي علاقة تقاطعية وتبادلية، ففي الوقت الذي يؤثر فيه تغير المناخ وما يسببه من ظواهر جوية قاسية ومتطرفة على الزراعة وتربية الثروة الحيوانية، وإنتاج الغذاء النباتي والحيواني، في المقابل تؤثر طرق إنتاج هذا الغذاء على البيئة بأشكال متعددة، وهكذا يظل العالم يدور في حلقة مفرغة يحاول الفرار منها.

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان مرتبطة بالغذاء، وذلك بعدما يمر بعدة مراحل بداية من الإنتاج ، وحتي عمليات المعالجة والنقل والتوزيع والاستهلاك حتى الوصول إلى المرحلة الأخيرة، وهي النفايات.

وفي عام 2023، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، تقريرا يرصد حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، فوجدت أن جائحة كوفيد-19 والصراعات والصدمات المناخية ادت  إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع، وقالت إن هناك ما يتراوح بين 691 و783 مليون شخص عانى من الجوع في عام 2022، وهو ما يمثل زيادة من 122 مليون شخص مقارنة بعام 2019.

ووفقًا للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2023، يواجه 258 مليون شخص في 58 بلدًا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بسبب المناخ والنزاعات.

توقعات بنمو استهلاك اللحوم 50% بحلول 50%

وفي الوقت الذي تزداد فيه العلاقة تعقيداً بين تغير المناخ وإنتاج الغذاء بكل أنواعه، إلا أن العديد من الدراسات الأخيرة أشارت بوضوح إلى أن التكلفة البيئية لإنتاج الأغذية حيوانية المصدر أعلى بكثير من الأطعمة نباتية المصدر، وهو ما خلق في السنوات الأخيرة مطالبات عديدة بإجراء تحول في الأنظمة الغذائية لتصبح أكثر اعتماداً على النباتات وعلى بدائل المنتجات الحيوانية.

هذا القلق من التأثير البيئي الضخم لاستهلاك اللحوم أخذ يتفاقم بعدما أشارت توقعات الأمم المتحدة إلى أن استهلاك اللحوم سيزيد بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2050، في الوقت نفسه، تدعم الثروة الحيوانية أكثر من 750 مليون شخصًا من أفقر الناس في العالم، وفقا لدراسة أطلقتها “الفاو” في عام 2020 ربطت بين صحة الحيوان وتغير المناخ.

ووفقاً للأمم المتحدة، ترتبط الأطعمة حيوانية المصدر، وخاصة اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان، بإنتاج كم أكبر من الانبعاثات الكربونية، لإن إنتاج اللحوم يتطلب أراضي عشبية واسعة مما يتطلب بالضرورة قطع الأشجار وإطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن في الغابات، كما أن الأبقار والأغنام ينبعث منها غاز الميثان أثناء هضم العشب والنباتات.

أيضاً تصدر الانبعاثات عن طريق نفايات الماشية في المراعي، والأسمدة الكيماوية المستخدمة في المحاصيل التي تتغذى عليها الماشية والتي ينبعث منها أكسيد النيتروز.

ووفقا لتحالف المناخ والهواء النظيف، وهي مبادرة ممولة من برنامج الأمم املتحدة للبيئة، وتضم شراكة بين أكثر من 160 حكومة ومنظمة ملتزمة بالحد من ملوثات المناخ قصيرة العمر، فإن ملوثات المناخ قصيرة العمر (SLCPs) – الميثان ومركبات الكربون الهيدروفلورية (HFCs) والكربون الأسود وأوزون التروبوسفير، مسؤولة عن ما يقرب من نصف الاحترار اليوم.

وقال التحالف إنه يمكن للجهود العالمية خفض انبعاثات الميثان بنسبة 40٪ على الأقل والكربون الأسود بنسبة تصل إلى 70٪ بحلول عام 2030، لأن ملوثات المناخ قصيرة العمر موجودة فقط في الغلاف الجوي لفترة قصيرة، وتقليلها يمكن أن يبطئ بسرعة معدل الاحترار .

ووفقًا لدراسة أجريت عام 2021 نُشرت في مجلة “” Nature Food فإن 57% من انبعاثات النظم الغذائية مرتبط بالأغذية الحيوانية  فيما قالت الدراسة إن 29% منها مرتبط بالأطعمة النباتية، وهو ما يدعم فكرة ضورة التحول إلى انظمة غذائية اكثر اعتماداً على النباتات.

وفي دراسة أخرى نشرتها نفس المجلة في أكتوبر عام 2023، وجدت أن إدخال بعض التغييرات الصغيرة على نظامنا الغذائي يمكن أن يؤدي إلى تقليل الملوثات الكربونية إلى حدٍّ كبير، وأن يجعلنا أكثر صحة.

واقترح مؤلفو الدراسة أن اللجوء إلى بعض البدائل “البسيطة”، مثل التحول من لحم البقر إلى الدجاج، أو شرب الحليب النباتي بدلًا من حليب البقر، يمكن أن يقلل البصمة الكربونية من الغذاء الذي يستهلكه الفرد العادي بنسبة 35%، مع تعزيز جودة النظام الغذائي بنسبة تتراوح بين 4 إلى 10%.

كيف تساهم انبعاثات الثورة الحيوانية في تغير المناخ؟

بشكل عام، تساهم انبعاثات الثروة الحيوانية بنسبة كبيرة في تغير المناخ، وفقاً لـ”الفاو“، وعلى المستوى العالمي، يبلغ إجمالي الانبعاثات من الثروة الحيوانية 7.1 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا ، وهو ما يمثل 14.5 % من جميع انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ .

ويمثل الميثان ما يقرب من خُمس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وتسبب التخمر المعوي للحيوانات والسماد الطبيعي في إنتاج 32 % من انبعاثات  الميثان العالمي ضمن 40% تسبب فيها قطاع الزراعة بالكامل، بينما كانت زراعة الأرز هي المسؤولة عن 8% فقط، وفقا لتقرير “تقييم الميثان العالمي في 2021” الذي أصدره تحالف المناخ والهواء النظيف وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

ويمثل الميثان وحده حوالي 44% من انبعاثات الثروة الحيوانية، أما الجزء المتبقي مشترك بالتساوي تقريبا بين أكسيد النيتروز بنسبة 29%، وثاني أكسيد الكربون بنسبة 27%، والماشية المجترة مسؤولة وحدها عن 65 ٪ من انبعاثات قطاع الثروة الحيوانية بأكملها، 39 % منهم بسبب التخمر المعوي.

في الوقت نفسه، لا يمكن إجراء التحول بهذه السهولة، فوفقاً للأمم المتحدة، تظل المنتجات الحيوانية مصدرا مهما للأمن الغذائي والتغذية، وفرصا لكسب الرزق للعديد من المجتمعات في المناطق الريفية حول العالم.

وقالت الأمم المتحدة أن الحد من الانبعاثات من قطاع الأغذية يتطلب تغييرات في جميع المراحل، من المنتجين إلى المستهلكين، كما يتطلب الاعتماد على النظم الغذائية الغنية بالنباتات، والتوجه نحو البروتين النباتي مثل الفاصوليا والحمص والعدس والمكسرات والحبوب.

ما هو دور الأفراد؟

تقدم الأمم المتحدة عدة نصائح للأفراد إذا كانوا يريدون تقليل الانبعاثات الناتجة عن استهلاكهم من الغذاء، وأولها تناول وجبات صحية أكثر، واتباع نظام غذائي غني بالنباتات ومتوازن والتقليل من هدر الطعام حيث يتم إهدار حوالي 1 مليار طن من الطعام أي 17 في المائة من جميع المواد الغذائية المتاحة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم.

أيضاً ينصح برنامج الأغذية العالمي تناول الطعام المحلي لأن نقل الطعام ينتج عنه الكثير من الانبعاثات، وبالتالي فإن تناول الطعام المنتج محليا يقلل من الآثار البيئية.

كتبت- هدير الحضري، صحفية أولى في ESG Mena Arabic

You may also like