صدر عن بنك أمريكا (Bank of America) أحدث نسخة من تقرير البحث العالمي، تحت عنوان “السياسات البيئية والاجتماعية والحوكمة – عالمية التضخم الأخضر: ادفع الآن أو ادفع أكثر لاحقًا”، والذي يتناول تكلفة التقاعس عن العمل المناخي، واضطرار البنوك المركزية إلى مواجهة التضخم المرتفع، مدفوعاً بالتأثيرات المادية لتغير المناخ وتحول الطاقة.
المبادرات الخضراء والمعضلات الاقتصادية
يتحدث التقرير عن سياسات إزالة الكربون ودورها في تفاقم مشاكل التضخم من خلال فرض ضوابط أكثر صرامة على إنتاج الوقود الأحفوري، وارتفاع أسعار مشتقاته، وزيادة الطلب على المعادن الحيوية، خاصة وأن التقاعد المبكر لمحطات الوقود الأحفوري كجزء من خطط تحول الطاقة قد يؤدي إلى خسارة أرباح بقيمة 1.4 تريليون دولار تقريباً على مدار الخمسة عشرة أعوام القادمة، وما يتبع ذلك من تداعيات على ارتفاع فواتير الطاقة لدى المستهلكين.
كما أشار التقرير إلى أنه بحلول عام 2070، يمكن أن تبلغ الخسائر المالية الناجمة عن الآثار المدمرة لتغير المناخ، أكثر من ضعف الاستثمار المطلوب حالياً لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري.
منازل قادرة على التكيف مع المناخ: استثمار دولار واحد وتوفير 11 دولاراً
إن الاختيار بين الاستثمارات قصيرة الأجل والفوائد طويلة الأجل واضح بشكل كبير في قطاع التأمين، بحسب تقر بنك أمريكا، والذي يشير إلى أنه مع تزايد الكوارث المرتبطة بالمناخ، تحث شركات التأمين أصحاب المنازل على تحصين ممتلكاتهم ضد المخاطر والتأمين عليها.
إن ارتفاع أقساط التأمين يمنح أصحاب المنازل ثلاثة خيارات: إما قبول زيادة في تكلفة التأمين قدرها ستة أضعاف، أو الاستثمار في ترقيات المساكن الباهظة الثمن، أو التخلي عن التأمين تماماً. وبالتطلع إلى عام 2050، قد يُفقد ما يقدر بنحو 34 ألف منزل سنوياً بسبب حرائق الغابات، أي ما يعادل اختفاء مدينة بأكملها بحجم آشفيل بولاية نورث كارولينا بأمريكا كل عام.
ومع ذلك، طبقاً للتقرير، فإن الالتزام بقوانين البناء الصارمة يمكن أن يوفر المال ويقلل الحاجة إلى دفعات تأمين ضخمة، حيث يمكن أن يؤدي كل دولار يتم إنفاقه على الامتثال للقوانين الخاصة بالبناء المستدام إلى انخفاض قدره 11 دولاراً في تكاليف الكوارث.
تفريغ التضخم بالحلول الدائرية
يقول التقرير إنه غالباً ما يؤدي تبني الممارسات المستدامة إلى توفير التكاليف وانخفاض الأسعار بالنسبة للمستهلكين، مع وجود أساليب عمل مستدامة قادرة على تعزيز أرباح التشغيل بنسبة تصل إلى 60 %. وعلى سبيل المثال، وفّر برنامج “منع التلوث” التابع لشركة ( 3 (M أكثر من 2.37 مليار دولار أمريكي بينما منع 2.88 مليون طن من الملوثات منذ عام 1975.
يؤدي التحول إلى الاقتصاد الدائري إلى إحداث تغييرات وفرص عبر الصناعات، ومن المتوقع أن تتفوق إعادة بيع الملابس في قطاع الأزياء، على سبيل المثال، على النمو السريع للأزياء بمقدار 9 أضعاف، لتصل إلى 70 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وأكد تقرير البحث العالمي لبنك أمريكا أن المستثمرين يركزون بشكل متزايد على الاقتصاد الدائري، مع تضاعف الأصول الخاضعة للإدارة ثلاث مرات في السنوات الثلاث الماضية، حيث تعمل الشركات على تعزيز كفاءة استخدام الموارد وتقليل الاعتماد على المواد الجديدة.