انطلق اليوم منتدى مبادرة السعودية الخضراء (SGI Forum) في نسخته الثالثة، في الوقت الذي يواصل فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) حشد قادة العالم نحو اتخاذ إجراءات جادة ضد تغير المناخ.
أحد الأمثلة على مكافحة تغير المناخ التي تمت مناقشتها اليوم هو بناء مدن جديدة مستدامة، مثل مشروع نيوم في المملكة العربية السعودية، وهو “مدينة ذكية” بقيمة 500 مليار دولار في المملكة العربية السعودية والتي ستكون مساحتها 33 ضعف حجم نيويورك.
وقال نظمي النصر، الرئيس التنفيذي لشركة نيوم، خلال منتدى اليوم، إن الخط في نيوم سيستوعب 9-10 ملايين شخص سيعيشون نمط حياة صحي ومرفه أيضاً، ولكن دون الإضرار بالطبيعة والبيئة، من خلال محدودية الأثر الكربوني. وأوضح النصر أنه سيتم تنشيط المدينة بالطاقة المتجددة، ولن يكون هناك سيارات للحد من انبعاثات الكربون، وتعزيز نمط الحياة الصحي، مضيفاً أن نحو 95% من مساحة نيوم لن تمس، وستكون الطبيعة محفوظة.
وأشار النصر إلى “أننا نهدف إلى استيعاب 9 إلى 10 ملايين شخص في نيوم، الذين يعيشون بطريقة نأمل أن تكون مثالا للعالم أجمع في بناء مدن جديدة ومستقبلية حول العالم”، مضيفا أن التقنيات الجديدة أصبحت يخدم بشكل جيد تصميم مدينة نيوم التي ستحدث ثورة في الحياة الحضرية.
ومن جانبها، أكدت سمو الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود، نائب وزير السياحة في المملكة العربية السعودية، خلال المنتدى على دور التنمية الحضرية المستدامة للمدن، مشيرة إلى نية المملكة استثمار ما يصل إلى 92 مليار دولار في معرض إكسبو 2030 لجعل الرياض واحدة من أكثر المدن استدامة بحلول عام 2030، بجانب الاستثمار في المزيد من المساحات الخضراء، مثل مبادرة منتزه الملك سلمان التي سيتم تطويرها في المملكة.
وسلط معالي وزير النقل السعودي صالح الجاسر الضوء كذلك على بعض الإجراءات التي يتم اتخاذها في جميع أنحاء المملكة لإزالة الكربون من النقل الحضري، قائلاً إن المملكة تطبق العمل عن بعد في الجهات الحكومية، مما يساعد على تقليل الطلب على السفر اليومي، مضيفاُ أنه للتحول إلى وسائل نقل أقل كثافة للكربون، وضعت الوزارة أهدافًا طموحة لزيادة حصة النقل العام، مع تنفيذ مشاريع حافلات ومترو الرياض على قدم وساق.
وتهدف مبادرة السعودية الخضراء، التي انطلقت عام 2021، إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، وتعمل على التوسع السريع في العمل المناخي في المملكة من خلال تفعيل 77 مبادرة، تمثل حجم استثمار يزيد عن 186 مليار دولار . وتشمل الأهداف الرئيسية للمبادرة خفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، وزراعة 10 ملايين شجرة، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية في السعودية بحلول العام نفسه، بحسب الموقع الرسمي لـ “رؤية 2030” السعودية.
وتنعقد النسخة الثالثة لمنتدى المبادرة الخضراء السعودية تحت شعار “من الطموح إلى العمل”، وبدأت مناقشاته حول الاستدامة الحاسمة، وفي المقام الأول تحول الطاقة، وحماية البحار، وإطلاق العنان لتمويل المناخ لتمكين العمل المناخي. ويركز المنتدى هذا العام بشكل خاص على مكافحة التغير المناخي، وتمويل العمل المناخي، وإيجاد حلول الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى حماية المناطق البرية والبحرية في المملكة.
وركز المسؤولون السعوديون خلال المنتدى بشكل عام على التقدم المطرد نحو هدف المملكة العربية السعودية للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2060، وسلطوا الضوء على مساهمة الدولة في أهداف المناخ العالمية من خلال تنفيذ أكثر من 80 مبادرة من القطاعين العام والخاص تمثل استثماراً يزيد عن 188 مليار دولاراً أمريكياً (705 مليار ريال سعودي)، من أجل مستقبل أكثر خضرة.
وتهدف المملكة إلى تحقيق مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء من خلال توفير الغاز والطاقة المتجددة بنسبة 50٪ تقريباً لكل منهما بحلول عام 2030، وعندما يتحقق ذلك، فإنه سيحل محل ما يقرب من مليون برميل من الوقود السائل المستخدم حاليا. ومنذ عام 2022، تم ربط 2100 ميجاوات إضافية من الطاقة المتجددة بالشبكة، ليصل إجمالي قدرة الطاقة المتجددة المثبتة إلى 2800 ميجاوات (2.8 جيجاوات)، مما يولد طاقة تعادل تشغيل أكثر من 520 ألف منزل، ما يمثل نسبة 300% في القدرة المركبة، مما يدل على الوتيرة التي تعمل بها المملكة العربية السعودية على تسريع تحولها في مجال الطاقة.
تتضمن جهود المملكة العربية السعودية لتحويل مزيج الطاقة المحلي لديها أيضاً عدة مشاريع لتقليل الاعتماد على الوقود السائل واستبداله بالغاز لإنتاج الطاقة، واعتباراً من ديسمبر 2023، بدأ تشغيل أربع محطات كهرباء عالية الكفاءة تعمل بالغاز بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 5600 ميجاوات. وتقوم المملكة أيضاً ببناء محطات عالية الكفاءة ومجهزة بتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 8.4 جيجاوات.
وكجزء من استثمارها المستمر في الوقود المستقبلي، تتقدم المملكة العربية السعودية في تطوير مصنع الهيدروجين الأخضر بقيمة 8.4 مليار دولار أمريكي في نيوم، والذي من المقرر أن يكون الأكبر في العالم. وتم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية مع نظيراتها الدولية طوال عام 2023، بهدف إنتاج وتصدير الهيدروجين النظيف والأخضر.