أعلن اليوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) عن اطلاق التعهد العالمي للتبريد، والذي يهدف إلى تقليل الانبعاثات المرتبطة بالتبريد في جميع القطاعات بنسبة 68٪ على الأقل عالمياً بحلول عام 2050.
ويعتبر تعهد التبريد العالمي أول تركيز جماعي في العالم على انبعاثات الطاقة الناتجة عن قطاع التبريد، حيث وقعت أكثر من 60 دولة على التعهد وانضمت إلى الجهود التي تعمل على تقليل انبعاثاتها المرتبطة بالتبريد بنسبة 68٪ على الأقل مقارنة بمستويات 2022، كجزء من الهدف الرئيسي لاتفاقية باريس هو الحد من ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، في ظل نمو صناعة التبريد مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالمياً.
وبدون ممارسات مستدامة، فإن الطلب على معدات التبريد سوف يرتفع بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2050، مما سيضاعف أرقام استهلاك الكهرباء المسجلة اليوم. يمثل استهلاك التبريد العالمي حالياً حوالي 20% من استهلاك الكهرباء.
وقالت ليلي رياحي، المنسقة العالمية لتحالف التبريد الذي يقوده برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أثناء عرضها النتائج الرئيسية لتقرير مراقبة التبريد العالمية اليوم في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، إن هناك حاجة إلى ممارسات تبريد مستدامة على الفور، والتي تشمل الانتقال بأمان إلى ممارسات التبريد الصديقة للبيئة، بالنظر إلى أهمية التبريد في حياتنا. وأضافت أن العالم يحتاج إلى التبريد من أجل الغذاء والصحة والرخاء، وأنه أكثر بكثير من مجرد تكييف الهواء.
كما أشارت إلى أنه في الوقت الحالي، يتم فقدان 12% من الأغذية المنتجة عالمياً بسبب عدم وجود سلسلة غذائية مستدامة تشمل التبريد المستدام . وأضافت الرياحي أن التبريد أمر بالغ الأهمية أيضًا لصحتنا، وإذا قمنا بتحسين الوصول الشامل للقاحات، فيمكننا منع 1.5 مليون حالة وفاة سنوياً. وشددت على أن التبريد يعني أيضاً حماية مجتمعاتنا من الحرارة الشديدة والعمل في بيئات آمنة وصحية.
وبالتعاون مع أكثر من خمسين خبيراً عالمياً، وجد تقرير مراقبة التبريد العالمي التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن قطاع الإسكان مسؤول عن 7% من الانبعاثات على مستوى العالم، وسوف يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2050 إذا لم نفعل شيئاً، حيث سترتفع الانبعاثات إلى 6.1 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل حوالي 10% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بحلول عام 2050.
وقالت الرياحي خلال مؤتمر صحفي اليوم في COP28 أن التقرير يأتي في لحظة محورية حيث يشهد العالم أرقاماً قياسية مثيرة للقلق بالنسبة للانبعاثات الضارة بالبيئة. ويخلص التقرير أيضاً إلى أن 73% من إمكانات خفض الانبعاثات تقع ضمن دول مجموعة العشرين.
وأشارت إلى أن كيفية المحافظة على التبريد مع خفض الانبعاثات، هي الاشكالية والتساؤل الذي تطرحه العديد من الدول والمناطق والمدن، مضيفة أن إحدى النتائج الأولى في التقرير تشير إلى أننا نشهد طلباً متزايداً على معدات التبريد المتعطشة للطاقة، مضيفة أن التبريد يمثل عبئاً مزدوجاً عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، حيث أن الاستخدام غير الفعال لتكييف الهواء يستهلك الكثير من الطاقة وتنتج عنه المزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وخاصة في المباني سيئة التصميم.
لكن، كما تقول الرياحي، إذا استخدمنا وسائل التبريد السلبية لتقليل حمل التبريد، مثل استخدام الأسطح العاكسة والتهوية والعزل والتشجير أو الحفاظ على المزيد من الأشجار، فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيض حمل التبريد بنحو 24 %بجانب الحاجة إلى زيادة استخدام ممارسات التكنولوجيا الموفرة للطاقة في التبريد.
وبحسب الرياحي، فإن هذه التدابير، من بين أمور أخرى، يمكن أن تؤدي إلى خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 60% بحلول عام 2050، من خلال خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3.8 مليار طن، مضيفة أننا بحاجة إلى إزالة الكربون بالكامل من توليد الكهرباء بحلول عام 2050 للوصول إلى ما يقرب من الصفر من الانبعاثات، لأنه يتم تشغيل التبريد في الغالب بالكهرباء.
وبحسب التقرير فإن فوائد هذا التحول كبيرة، إذ يمكننا أن نرى توفيراً في الكهرباء بقيمة نحو 17 تريليون دولار سنوياً عام 2050 بالنسبة للمستهلكين، وسيكون هناك انخفاض في ذروة حمل الكهرباء على مستوى العالم بمقدار 1.5 إلى 2 تيراواط بحلول عام 2050، مما يسمح لنا بتجنب استثمار ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار في توليد الطاقة الجديدة.
وأوضحت الرياحي أننا بحاجة إلى بذل جهود أعمق لجعل ذلك حقيقة واقعة، لا سيما في ثلاثة مجالات عمل رئيسية، بما في ذلك سياسات دمج التبريد السلبي في قوانين الطاقة في المباني، فضلاً عن الأساليب القائمة على الطبيعة في التخطيط الحضري، والتخفيض التدريجي بشكل أسرع لغازات التبريد.
وقالت: “نحن بحاجة إلى خطط عمل وطنية للتبريد، ولوائح على المستوى الوطني تتيح اتباع نهج متعدد أصحاب المصلحة . وأخيراً، نحتاج إلى توسيع نطاق أدوات التمويل ونماذج الأعمال التي أثبتت قدرتها على معالجة قضية التبريد المستدام، وهو ما من شأنه أيضا توفير تريليونات الدولارات.
وفي حديثها نيابة عن المدن في شأن الانبعاثات المرتبطة بالتبريد، قالت إيفون آكي سوير، عمدة مدينة فريتاون في سيراليون، إن مسألة التبريد أمر بالغ الأهمية للمدن في جميع أنحاء العالم.
وقالت إنه عند النظر إلى التعهد، يجب علينا أن نضعه في سياقه، مضيفة أنه بما أن الحكومات الوطنية تقدم تعهدات، فإننا نريد التأكد من أن الحكومات الوطنية أيضاً مستعدة لمواجهة التحديات وإدراج إجراءات المدن في مساهماتها المحددة وطنياً. وأضافت: “إذا فعلنا ذلك، فإن فرصنا في الحصول على تعهد تبريد ليس فقط بالتوقيع عليه، بل وتنفيذه أيضاً، ستكون أعلى “.
يذكر أن رئيس مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لمؤتمر الأطراف، سلطان الجابر، كان قد قاد تعهد التبريد العالمي، والذي يستند إلى نتائج وتوصيات تقرير مراقبة التبريد التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.