قال معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ورئيس مجلس إدارة مصدر، إن هناك ثلاثة عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل المستقبل، وهي نهوض الأسواق الناشئة المسؤولة حالياً عن أكثر من نصف معدلات النمو والازدهار في العالم، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة التي تسهم في توسيع مزيج الطاقة وخلق قطاعات جديدة بالكامل، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي ودوره في تسريع وتيرة التغيير.
وأضاف خلال كلمته في افتتاح أسبوع أبوظبي للاستدامة: “هذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريعه بوتيرة غير مسبوقة”.
وقال: ” يسرُّني أن أعلن عن إطلاق أول منشأة للطاقة المتجددة في العالم قادرة على توفير الطاقة المتجددة على نطاق واسع بشكل مستقر ومستمر في كافة الأوقات، فبالتعاون مع شركة مياه وكهرباء الإمارات، تمكنت شركة مصدر من جمع 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية مع سعة تخزين تبلغ 19 غيغاواط ساعة لإنتاج 1 غيغاواط من الطاقة النظيفة المستمرة دون انقطاع، وهذا المشروع سيساهم، لأول مرة على الإطلاق، في تحويل الطاقة المتجددة إلى طاقة حمِل أساسي، وهذه خطوة أولى تشكل بداية لنقلة نوعية في هذا المجال”.
وتابع: “دولة الإمارات تقدم العديد من النماذج العملية لمفهوم النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل.
فهي تتميز بنجاحها في الجمع بين الإرث والتقاليد، والريادة في تبنّي أفضل وأحدث الابتكارات النوعية، وحققنا إنجازات غير مسبوقة في مجال الطاقة الشمسية، بدءاً من تطوير أكبر محطة شمسية في موقع واحد بالعالم، وصولاً إلى تطوير محطة رائدة عالمياً في مجال تحلية المياه، وفي طاقة الرياح، رسخنا ريادتنا عبر تطوير محطات قادرة على التكيف مع رياح البحار المضطربة وكذلك مع الرياح منخفضة السرعات”.
واستكمل: “كما انتقلنا إلى مرحلة جديدة في مجال الطاقة النووية مع تشغيل 4 وحدات ضمن محطة براكة.
وحققنا إنجازات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بداية من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهي أول جامعة إماراتية للدراسات العليا متخصِّصة بالكامل في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى شركات الاستثمار الاستراتيجي في هذا المجال مثل شركة “MGX”.
واستكمل: “في مجال الفضاء، أرسلنا مسباراً إلى المريخ، ولم نتوقف هناك… حيث سنرسل قريباً مهمةً إلى حزام الكويكبات عبر مركبة “المستكشف محمد بن راشد، وسنقوم كذلك بإطلاق القمر الصناعي “محمد بن زايد سات” لاستكشاف كوكبنا”.
وأضاف: “على مدار عقود، كان أكبر عائق أمام تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الطاقة المتجددة هو عدم استقرار إمداداتها، ومن أهم التحديات التي يواجهها القطاع: كيفية توفير الطاقة لعالم يشهد حركةً مستمرة من خلال مصادر غير مستقرة؟ وكيفية تحويل المصادر المتجددة إلى طاقة موثوقة يمكن الاعتماد عليها؟ واليوم، أصبحت لدينا إجابة”.
وقال إن تخزين الطاقة باستخدام البطاريات هو أسرع تقنيات الطاقة نمواً في العالم اليوم، لذا ستتم إضافة سعة تخزين إضافية قياسية تبلغ 100 غيغاواط إلى الشبكة الكهربائية هذا العام.
وعلق: ” هذا يمثل جزءاً بسيطاً من الطلب الإجمالي على الطاقة الذي تحركه التوجهات الثلاثة الشاملة، خاصةً النمو الكبير في الذكاء الاصطناعي، وقبل بدء استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، كان الطلب على الطاقة في طريقه إلى الارتفاع من 9000 غيغاواط إلى أكثر من 15000 غيغاواط بحلول عام “2035.
واستكمل: “لكن مع نمو تطبيقات مثل شات جي بي تي بمقدار نصف مليار زيارة كل شهر، واستخدامها طاقةً تعادل عشرة أضعاف ما يستخدمه البحث لمرة واحدة على غوغل، فقد يصل الطلب بحلول 2050 إلى 35000 غيغاواط.
إننا نتحدث هنا عن نسبة زيادة تقدر بأكثر من 250%، وكلي ثقة بأنكم تتفقون جميعاً على أنه لا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية هذا الطلب غير المسبوق، خاصةً وأنه لا يزال هناك مليار شخص في العالم يفتقرون إلى الطاقة، لذا، نحتاج إلى أن يكون لدينا خيارات متنوعة في مصادرها.”
وتابع: “وبكل وضوح، فإن السياسات واللوائح التنظيمية التي تستبعد بعض هذه المصادر بشكل سابق للأوان لن تكون في مصلحة أحد. إننا نحتاج إلى تطبيق نهج يعتمد على مزيج متنوع من المصادر، وهذه هي الذهنية التي قادتنا إلى إنجاز أحدث إضافة لمحفظة أبوظبي المتنوعة من الطاقة، وهي EXERGY.
EXERGY هي شركة استثمارية دولية في مجال الطاقة، ذات هيكل تنظيمي فريد للتكيف مع احتياجات الطاقة الإضافية.
وقال إن ذلك يعني تحقيق أقصى إمكانات كل وحدة وشرارة وجول من الطاقة عبر الاستثمار في مختلف مجالات القطاع، من الغاز إلى الكيماويات والوقود منخفض الكربون، والبنية التحتية للطاقة، معلقاً:” إنها شركة طاقة مصممة لمواكبة المستقبل”.
وتابع إن النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل تعني وضع البشرية في جوهر عملية التقدم… وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات العالمية، كما تعني ضرورة عدم التركيز على الاكتشافات التي لا تساهم في مساعدة البشرية وتحسين حياة الناس، وهذا هو جوهر جائزة زايد للاستدامة.
وأضاف: “بفضل الجائزة، هناك في كل يوم، في مكان ما من العالم، قرية تشرب مياهاً نظيفة لأول مرة.
وطفل يتمكن من الدراسة تحت ضوء يعمل بالطاقة الشمسية، ومزارعٌ يحصد محاصيلَ من أرضٍ كانت قاحلةً ذات يوم. هذه الجائزة تبني على إرث الشيخ زايد، رحمه الله، الذي كان مؤمناً بأن المستقبل الذي نبنيه لا يتعلق بتوليد الطاقة فقط، بل بتمكين المجتمعات وازدهارها”.
وتابع: “اسمحوا لي أن أتناول نقطة تمحورت حولها مناقشاتنا بشأن الطاقة والاستدامة لفترة طويلة جداً.
حيث وقع العالم في فخ الاختيار الزائف بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة. إن هذا التفكير الذي يخيّر بين أمرين يعوق ويبطئ التقدم، ولقد حان الوقت لتغيير هذه السردية، لأن الطاقة والاستدامة ليسا متعارضين. إنهما شريكان متكاملان، والاختيار ليس بين مسارَين، بل يتعلق بإنشاء مسارٍ جديد يضمهما معاً، ويفتح الباب أمام النمو، ويقود جهود الرفاه والازدهار، ويطلق العنان للفرص الاقتصادية غير المسبوقة… مسار يقودنا للوصول إلى تحقيق النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل”.