Home قصص تحليلية إيكوموندو 2025 يسلّط الضوء على الزخم العالمي نحو الاقتصاد الدائري والأخضر

إيكوموندو 2025 يسلّط الضوء على الزخم العالمي نحو الاقتصاد الدائري والأخضر

by yosef nij

انطلقت هذا الأسبوع فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من معرض ومؤتمر إيكوموندو 2025 في مركز ريميني للمعارض بإيطاليا، بمشاركة باحثين وصنّاع قرار وشركات من مختلف دول العالم لمناقشة سبل التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة. وتُقام الفعاليات من 4 إلى 7 نوفمبر 2025 بتنظيم من مجموعة المعارض الإيطالية (IEG)، لتؤكد مكانة الحدث كأحد أبرز الملتقيات التي تجمع قطاعات الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري.

يشارك في الدورة الحالية أكثر من 1700 جهة عارضة، منها 18% من خارج إيطاليا، إلى جانب 380 مشتريًا دوليًا من 66 دولة، وأكثر من 30 وفدًا رسميًا و90 جمعية دولية. ويغطي المعرض مساحة تبلغ 166 ألف متر مربع موزعة على 30 قاعة عرض، تتناول موضوعات تتعلق بإدارة الموارد، وإعادة التدوير، والطاقة النظيفة، والتقنيات الرقمية في مراقبة النفايات.

افتتاح يجمع بين السياسات والبحث العلمي
في كلمته الافتتاحية، أشار ماوريتسيو رينزو إرميتي، رئيس مجموعة IEG، إلى أن إيكوموندو أصبح منصة عالمية تربط بين مختلف أطراف الاقتصاد الأخضر. وأكد أن التعاون بين المؤسسات الحكومية والبحثية والشركات أسهم في بناء سلاسل توريد مستدامة تمتد من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية. أما جميل صديقولفاد، عمدة مدينة ريميني، فشدّد على البعد التعليمي والثقافي للحدث، مشيرًا إلى أن الابتكار والتكنولوجيا يمكن أن يساهما في إعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والبيئة.

وأوضح فابيو فافا، منسّق اللجنة العلمية التقنية للمعرض، أن برنامج المؤتمرات لهذا العام يتضمن أكثر من 200 جلسة، من بينها 70 جلسة من تنظيم اللجنة العلمية. وركّز على أهمية التطبيق العملي لمفاهيم الاقتصاد الدائري في أوروبا ومنطقة المتوسط، مشيرًا إلى أن هذا العام يركّز على القطاعات الصناعية ذات الأثر البيئي الأكبر، إضافة إلى جهود استعادة النظم البيئية البرية والبحرية المتأثرة بالتلوث والتغير المناخي.

من جانبه، دعا جاكوبو موروني، رئيس لجنة “إيكومافيا” البرلمانية، إلى ضرورة المواءمة بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، موضحًا أن اللجنة تدرس قضايا جديدة مثل إدارة النفايات الناتجة عن الألواح الشمسية والبطاريات وتوربينات الرياح بعد انتهاء عمرها التشغيلي. أما ميكيلي دي باسكالي، رئيس منطقة إيميليا-رومانيا، فاعتبر المعرض مساحة لتبادل الخبرات والأفكار التي تربط بين التنمية الاقتصادية والاستدامة.

المنتدى العام للاقتصاد الأخضر
بالتوازي مع المعرض، تُعقد الدورة الرابعة عشرة من المنتدى العام للاقتصاد الأخضر، الذي تنظمه مؤسسة التنمية المستدامة بالتعاون مع وزارة البيئة وأمن الطاقة الإيطالية (MASE). ويستعرض المنتدى تقرير حالة وآفاق الاقتصاد الأخضر الأوروبي لعام 2025 في ظل المتغيرات الاقتصادية والمناخية العالمية. وللمرة الأولى، تُعقد الجلسة العامة الثانية، المقررة في 5 نوفمبر، باللغة الإنجليزية بالكامل، لتعزيز المشاركة الدولية في مناقشة قضايا السياسات البيئية وتمويل التحول الأخضر.

امتداد دولي متزايد
يُعزّز الحدث مكانته الدولية من خلال التعاون مع الوكالة الإيطالية للتجارة الخارجية (ICE) ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، إذ يشارك ممثلون من مختلف مناطق العالم. وتشير البيانات إلى أن 31% من المشترين جاؤوا من أوروبا الشرقية والبلقان وآسيا الوسطى، و15% من الشرق الأوسط وآسيا، و15% من شمال إفريقيا، و13% من أوروبا الغربية وإفريقيا جنوب الصحراء، و6% من أمريكا اللاتينية، و5% من أمريكا الشمالية وأستراليا. كما ينظم المعرض فعاليات موازية في المكسيك والصين، وجولات ترويجية في صربيا وبولندا ومصر لتوسيع فرص التعاون في مجالات الابتكار والاستدامة.

برنامج مؤتمرات يواكب التحديات البيئية
يضم البرنامج أكثر من 800 خبير يناقشون قضايا تشمل التمويل الأخضر، والمرونة المناخية، وإدارة النفايات، والتصميم المستدام. من بين أبرز فعاليات اليوم الأول: جلسة حول الحلول التكنولوجية لاستعادة الموارد في منطقة المتوسط، وأخرى عن المبادرات الرقمية والطبيعية لإدارة المياه، بالإضافة إلى فعالية BlueMissionMed التي أعلنت إطلاق مبادرة الاتحاد الأوروبي لإعادة تأهيل النظم البحرية في البحر المتوسط بحلول عام 2030. وتشمل الجلسات اللاحقة مناقشات حول الاقتصاد الحيوي والنفايات والمنسوجات الدائرية، إضافة إلى جلسة عن التعليم والابتكار وريادة الأعمال في البحر المتوسط وإفريقيا.

منتدى النمو الأخضر في إفريقيا
يشهد الحدث هذا العام انعقاد الدورة الخامسة من منتدى النمو الأخضر في إفريقيا بمشاركة رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي وعدد من الوزارات والمنظمات، من بينها RES4Africa. ويركز المنتدى على توسيع الوصول إلى الطاقة النظيفة والمستدامة في القارة الإفريقية، مستعرضًا مبادرات مثل خطة ماتِّي وبرنامج Mission 300، اللذين يسعيان إلى تعبئة الاستثمارات العامة والخاصة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المرونة المناخية.

العلم والابتكار في خدمة التحول البيئي
تضطلع اللجنة العلمية التقنية لإيكوموندو بدور أساسي في ربط البحث العلمي بالتطبيق العملي، من خلال مناقشة قضايا تشمل إدارة النفايات الإلكترونية، والتواصل البيئي المسؤول، واستخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة النظم البيئية. ومن بين الجلسات العلمية البارزة، جلسة بعنوان “من السماء إلى الأرض: مراقبة الموارد الطبيعية باستخدام الذكاء الاصطناعي”، التي تبحث في دور الأقمار الصناعية والبيانات في تحسين إدارة الموارد، إضافة إلى مناقشات حول مسؤولية المنتج الممتدة في قطاع النسيج والتطورات التنظيمية في أسواق إعادة التدوير العالمية.

شراكات وفرص ميدانية
يُعد المعرض أيضًا مساحة لبناء الشراكات وتبادل الخبرات. وتشهد دورة هذا العام تنظيم جائزة التنمية المستدامة في نسختها الخامسة عشرة، لتكريم الشركات والمبادرات التي تقدم حلولًا فعّالة في مجال الاستدامة. كما تم تسهيل مشاركة الوفود الدولية من خلال رحلات جوية مباشرة إلى ريميني من ميونيخ وروما، إلى جانب تنظيم جولات ميدانية متخصصة تركز على سلاسل التوريد في قطاعات المياه والبلاستيك والموارد الحيوية.

تحول عالمي نحو الاقتصاد الدائري
مع تسارع التحول البيئي عالميًا، تعكس فعاليات إيكوموندو 2025 أهمية التعاون بين البحث العلمي والسياسات العامة والقطاع الخاص. ومن خلال الجمع بين الحوار القائم على المعرفة والتطبيق العملي، يساهم الحدث في رسم ملامح اقتصاد عالمي أكثر مرونة واستدامة. ومن أوروبا إلى إفريقيا وما بعدها، تتجدد الرسالة ذاتها: الابتكار والتعاون هما المحركان الرئيسيان للتقدم البيئي نحو مستقبل أكثر استدامة.

كتبت: هدير الحضري – إيطاليا

You may also like