القاهرة – هدير الحضري
في مقر نقابة الصحفيين بالقاهرة، أطلقت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة (NCE) بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية حملتها الوطنية “حتى تعود الطيور”، التي تهدف إلى الدعوة لتجديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر، بعد أن حقق القرار السابق نتائج بيئية واقتصادية ملموسة خلال العامين الماضيين.
جاءت الحملة بحضور الدكتور خالد النوبي، رئيس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، والدكتور محمود بكر، رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، والدكتور إكرامي الأباصيري، مدير عام محميات المنطقة الجنوبية، بالإضافة إلى نقيب الصحفيين خالد البلشي، وعدد من الخبراء والإعلاميين وممثلي الجهات الحكومية والمجتمع المدني.
مصر.. معبر استراتيجي
قال الدكتور خالد النوبي إن مصر تُعد محطة استراتيجية لملايين الطيور المهاجرة سنويًا، حيث تمر بها عبر “المسار الإفريقي العظيم”، وهو من أهم مسارات الهجرة عالميًا. كما تحتضن البلاد تنوعًا غنيًا من الطيور المقيمة.
وأوضح أن بحيرة ناصر، بدلاً من أن تكون ملاذًا آمنًا، أصبحت في بعض الفترات ساحة مفتوحة للصيد الجائر، تُمارس فيها انتهاكات جسيمة تحت غطاء “السياحة”.
أرقام صادمة ودعوة للتدخل
كشف النوبي أن الجمعية وثقت خلال موسم 2022–2023 ما لا يقل عن 15 رحلة صيد غير قانونية في بحيرة ناصر، شارك فيها 87 صيادًا أجنبيًا، معظمهم من أوروبا، بينهم من يواجهون ملاحقات قانونية في بلدانهم.
استخدم هؤلاء الصيادون بنادق نصف آلية وأجهزة صوت محظورة لجذب الطيور، واستهدفوا أنواعًا نادرة ومهددة بالانقراض. ووفقًا لتقرير BirdLife International لعام 2023، تم تصنيف مصر ضمن أعلى 9 دول بحاجة إلى تدخل عاجل، إذ يُقتل فيها أكثر من 5.7 مليون طائر سنويًا باستخدام وسائل غير قانونية.
وأشار إلى أن الصيد في الربيع يُعد أكثر ضررًا لأن الطيور تكون محملة بالبيض، محذرًا من انتقال أنشطة الصيد غير المشروع إلى مناطق الواحات بعد تطبيق الحظر في بحيرة ناصر.
أكد النوبي أن قرار وزارة البيئة بحظر الصيد عام 2023 كان نقطة تحوّل، إذ سمح للبيئة بالتعافي وعودة أنواع كانت على وشك الاختفاء. ومن أبرز نتائج القرار، تسجيل أول حالة تكاثر لطائر النساج القروي في مصر بمنطقة أبو سمبل.
كما ساهم الحظر في خلق فرص اقتصادية جديدة عبر السياحة البيئية، حيث بدأ بعض الصيادين السابقين بالعمل كمرشدين بيئيين. وأوضح أن العائد الاقتصادي من حماية الطيور قد يصل إلى خمسة أضعاف العائد من صيدها.
من حملة إلى نموذج وطني
قال النوبي إن حملة “حتى تعود الطيور” تسعى لتحويل هذا النجاح إلى نموذج وطني لإدارة المناطق البيئية الحساسة، وتأتي ضمن التزام مصر بخطة روما الاستراتيجية (2020–2030) التي تهدف إلى خفض الصيد غير القانوني للطيور بنسبة 50%.
تشمل الحملة أنشطة توعية ميدانية وشراكات مع وزارات البيئة والسياحة والداخلية، وتستهدف إشراك المواطنين في جهود الحماية، سواء من خلال الإبلاغ عن الانتهاكات أو دعم السياحة البيئية كبديل حضاري للصيد.
دعم من الصحفيين والمجتمع المدني
أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي أن النقابة تدعم جميع الجهود المبذولة لحماية البيئة، وستظل منبرًا لعرض القضايا البيئية التي تهم المواطن. ورحب بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية ووزارة البيئة في تقديم الدعم الإعلامي للحملة.
من جهته، شدد الدكتور محمود بكر على أهمية المبادرة، قائلاً: “عندما نحمي الطيور في مصر، نحمي التنوع البيولوجي العالمي”، مؤكدًا أنه سيتم العمل على تدريب شباب الصحفيين على المصطلحات البيئية، خاصة “التنوع البيولوجي”، كما ستُنظم زيارة ميدانية لبحيرة ناصر للاطلاع على الواقع البيئي.
أما الدكتور إكرامي الأباصيري، فأشار إلى أهمية العد الشتوي للطيور المائية الذي يُجرى سنويًا بالتعاون مع المجتمع المدني، والذي يُستخدم كأداة علمية لمراقبة أعداد وتوزيع الطيور، ويُسهم مباشرة في دعم القرارات البيئية وإصدار التشريعات.