أكد خبراء ومختصون، خلال عدة جلسات انعقدت بالقمة العالمية للحكومات، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستشكل مستقبل المشهد الاقتصادي العالمي، وستساهم في تحسين جودة الحياة وخلق فرص كثيرة للتعاون والعمل بين شعوب ودول العالم، إضافة إلى مساهمتها في تعزيز الاستثمارات من خلال تسهيل التواصل مع مختلف المستثمرين في دول العالم، داعين إلى تعزيز الاستثمارات في القارة الإفريقية.
وتطرقت جلسة «الاستثمار وعوائد المستقبل .. في عالم متقلب» التي شارك فيها جورج والكر الرئيس التنفيذي لـمجموعة نويبرغر بيرمان، إلى ربحية الاستثمارات في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم والمخاطر المترتبة عن ذلك.
وأشار والكر إلى تحسن عوائد وأرباح الصناديق الاستثمارية، مؤكداً أن مجموعته تدير استثمارات بقيمة 500 مليار دولار في قطاعات مختلفة تشمل شركات التأمين والعقارات والأسهم وغيرها.
وقال: ” المجموعة تفضل الاستثمار في الأصول التي لا تتأثر بالتغيرات السياسية، نحن ننظر إلى العائد الاستثماري والربحية، ونستهدف الدخول في الأصول التي تنخفض فيها نسبة المخاطرة من خلال دراسة سلوكيات الأصول والعملاء والمستثمرين”.
وتوقع والكر استقرار أسعار الفائدة الأمريكية عند المستويات الحالية مع تباطؤ نسبة التضخم التي تتجه نحو الانخفاض، لافتاً إلى أن المجموعة تركز خلال العامين المقبلين على الاستثمارات طويلة الأجل.
وأوضح والكر أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تساهم في تعزيز الاستثمارات من خلال تسهيل التواصل مع مختلف المستثمرين في دول العالم.
وأكد بينغ تشاو الرئيس التنفيذي لمجموعة جي 42 في جلسة بعنوان «كيف سيشكل الذكاء الاصطناعي المشهد الاقتصادي العالمي؟»، أن العالم سيكون أكثر قوة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستخلق فرصاً كثيرة للتعاون والعمل بين شعوب ودول العالم، في ظل المزايا التي ستوفرها التطبيقات، ومنها سوق البيانات المفتوحة التي توفر للعالم العديد من البيانات الهائلة.
وأشار إلى أن التطورات التكنولوجية تحتم على الحكومات حماية تطبيقات الذكاء الاصطناعي حتى لا تستخدم بشكل خاطئ، منوهاً بأن السنوات المقبلة ستشهد طفرة كبيرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعادل الذكاء البشري.
ولفت بينغ إلى تطور البنية التحتية في دولة الإمارات التي تساعد على استخدام المزيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ومنها مجال الجينات البشرية بهدف معرفة أسباب الأمراض وطرق العلاج.
ونوه بأن هذا التطور في مجال الجينات البشرية سيمكن العلماء من إيجاد الأدوية للأمراض المستعصية، وبالتالي الحفاظ على صحة الناس.
وسلطت جلسة “أين سنشهد أسرع ازدهار اقتصادي في العالم؟» الضوء على الاستثمار في القارة الإفريقية التي تتوفر على قدرات هائلة من مياه وأراض زراعية، حيث أشار المتحدثون في الجلسة إلى أن نحو 60 في المئة من الأراضي الزراعية في القارة السمراء غير مستغلة.
وشارك في الجلسة كل من: معالي الدكتور سيدي ولد تاه المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، وسعادة الدكتورة عبدالحميد الخليفة المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية، والدكتور سمير ساران رئيس مؤسسة أوبسرفر للبحوث، والدكتور هايكي هارمجارت المدير التنفيذي لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير.
وقال معالي الدكتور سيدي ولد تاه: ” على العالم ومنها المؤسسات التمويلية والاستثمارية أن تغير من نظرتها إلى القارة الإفريقية على أنها عالية المخاطر “.
وأضاف: ” إفريقيا تمتلك فرصاً كبيرة حيث تمتلك 60 في المئة من الأراضي الزراعية غير المستغلة التي يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي للقارة بل للعالم ككل، فضلاً عن ذلك تسهم إفريقيا بنسبة بسيطة في التغيرات المناخية، حيث تتسبب القارة بنحو 3.4 في المئة من الانبعاثات الكربونية فقط”.
ولفت إلى تراجع معدلات الفائدة في القارة مع عودة بعض الدول لسوق الإقراض الدولية، في الوقت ذاته تعتبر دول القارة من أكثر الدول وفاءً باستحقاقات الديون، حيث تصل نسبة التعثر إلى أقل من الواحد في المئة.
ودعا ولد تاه إلى حماية البنوك من المخاطر من خلال منحها ضمانات قوية من قبل الدول الغنية لتمويل التنمية في إفريقيا.
من جهته قال سعادة الدكتور عبدالحميد الخليفة: ” الدول الإفريقية وحتى في خضم التوترات السياسية لديها فرص كبيرة وقدرات جيدة للنمو”.
وأشار إلى أن تسعير تكلفة رأس المال يختلف بين القطاعين العام والخاص، لكن القطاع المستدام هو القطاع الخاص، لأن تكلفة الإقراض للقطاع العام في الدول النامية تعتبر أعلى قياسا بالخاص، وأشار إلى أن عدم إيجاد الحل لمشكلة التسعير والفوائد سيدفع القطاع الخاص إلى التراجع عن القيام بالأعمال في الدول الافريقية.
ولفت إلى أن 50 في المئة من مشاريع صندوق أوبك للتنمية الدولية مقرها إفريقيا، حيث نمول الكثير من العمليات هناك مثل مشاريع التحول الطاقوي التي تمتلك فرص كبيرة للنمو.
وأشارت الدكتورة هايكي هارمجارت، إلى الفرص التي توفرها إفريقيا في قطاعات الغذاء والطاقة والمياه خاصةً في مجال الطاقات المتجددة التي تجد لها في أوروبا سوقاً كبيرة، داعيةً إلى حشد الموارد لتمويل مشاريع إزالة الكربون من إفريقيا ومشاريع البنية التحتية لنقل الطاقة النظيفة.
وأشارت هارمجارت إلى نجاحها في حشد نحو 500 مليون دولار لتمويل مشروع مشابه في جمهورية مصر العربية حول الطاقة الشمسية، داعية البنوك إلى تحفيز المستثمرين لتمويل هذه المشاريع الهامة.
ورأى الدكتور سمير ساران أن الاستثمار في إفريقيا ليس مخاطرة بل الغياب هو المخاطرة في ظل الإمكانيات الكبيرة للقارة والموارد التي تتوفر عليها في كل القطاعات.
وأشار ساران إلى أن “الاستثمار في إفريقيا خاصة في القطاعات المستدامة طريق للنمو الاقتصادي وتحقيق الفائدة للجميع”.