يمثل مؤتمر الأطراف COP28 نقطة تحول تاريخية في مسيرة العمل المناخي العالمي وحماية التنوع البيولوجي.
وقد جاء “اتفاق الإمارات” الذي تحقق خلال COP28 ليكون شاهداً على دور الدولة في بناء التوافق الدولي، حيث حققت التزامات في مجالات حماية الطبيعة، والتمويل، والشمولية.
في هذا الحوار، والذي حضرته ESG Mena، تتحدث سعادة رزان خليفة المبارك، رائدة الأمم المتحدة للمناخ لمؤتمر الأطراف COP28، ورئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، عن التقدم الذي تحقق، وعن الدور الريادي لدولة الإمارات في هذا المجال، والخطوات المقبلة لضمان استمرار زخم COP28 ليترجم إلى عمل دولي مستدام.
شهد مؤتمر COP28 تركيزاً كبيراً على دمج أهداف المناخ والطبيعة. كيف ترون تطور العلاقة بين هذين المجالين، وما هي أبرز النتائج التي تم تحقيقها؟
إن المناخ والطبيعة مرتبطان بشكل وثيق، وقد كان COP28 لحظة محورية لتأكيد هذا الارتباط على الصعيد العالمي. شهدنا دمج أهداف المناخ والتنوع البيولوجي من خلال اتفاقيات أساسية مثل الإطار العالمي للتنوع البيولوجي في كونمينغ-مونتريال. لعبت الإمارات دوراً هاماً في قيادة هذا الحوار، بما في ذلك البيان المشترك لـ COP28 حول المناخ والطبيعة والبشر، والذي أقرته 25 دولة و11 شراكة. ومن النتائج البارزة كان الالتزام بتحقيق الهدف العالمي لوقف إزالة الغابات بحلول عام 2030، مما يتماشى مع الأهداف العالمية للتنوع البيولوجي ويعزز التعاون بين اتفاقيات ريو الثلاث بشأن التنوع البيولوجي والتغير المناخي والتصحر.
من خلال العمل في COP28، ركزنا أيضاً على إدراج الحلول الإيجابية للطبيعة في المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) وخطط التكيف الوطنية (NAPs)، لضمان أولوية كل من المناخ والتنوع البيولوجي في السياسات الوطنية.
يزداد دور القطاع الخاص أهمية في دفع العمل المناخي والعمل الإيجابي للطبيعة. ما أهمية الدور الذي ترونه للشركات والمؤسسات المالية في هذا المجال؟
إن القطاع الخاص له دور محوري في توفير الموارد اللازمة لتحقيق تأثير ملموس في العمل المناخي والطبيعي. خلال COP28، شهدنا تقدماً ملحوظاً، حيث التزمت أكثر من 300 منظمة وشركة بأهداف إيجابية للطبيعة. وقد تضمن ذلك التزامات كبيرة من قبل شركات ومؤسسات مالية للشفافية والاستثمار في مشاريع تركز على الطبيعة، وذلك من خلال أطر مثل “فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المتعلقة بالطبيعة” (TNFD) التي أتشرف بالمشاركة في رئاستها. وقد تم الالتزام في منتدى الأعمال والعمل الخيري المناخي في COP28 بتوفير 7 مليارات دولار لتحقيق أهداف المناخ والتنوع البيولوجي، مما يبرز قدرة القطاع الخاص على إحداث تأثير ملموس.
إضافة إلى ذلك، فإن التزام القطاع الخاص بالزراعة المستدامة والممارسات الزراعية المتجددة، الذي برز بقوة خلال COP28، يظهر أن الشركات يمكن أن تكون قادة في إعادة تشكيل الصناعات لحماية التنوع البيولوجي وتقليل الانبعاثات.
عند النظر إلى الفترة التي قضيتموها رائدة الأمم المتحدة للمناخ خلال مؤتمر الأطراف COP28، ما هي أبرز الإنجازات التي تفخرون بها، وما هي الأعمال التي ستستمر بعد فترة رئاسة COP28؟
أنا فخورة جداً بالتقدم الملموس الذي حققناه في تعزيز مكانة الطبيعة ضمن جدول أعمال المناخ العالمي، ومن بين الإنجازات الهامة كان توفير 2.6 مليار دولار لتمويل مشاريع لحماية الطبيعة والتنوع البيولوجي، بما في ذلك تعهد دولة الإمارات بتقديم 100 مليون دولار لدعم الغابات الاستوائية. وقد تضمن ذلك توقيع خطاب نوايا مع غانا لحماية نظمها البيئية الحيوية، مع التركيز على ضمان وصول هذه الأموال مباشرة إلى المجتمعات المحلية والسكان الأصليين.
كما كان من العلامات الفارقة عملنا مع الشعوب الأصلية، وقد اعترف “اتفاق الإمارات” بالدور الأساسي للشعوب الأصلية في تقديم حلول للتغير المناخي، ولأول مرة تم الإشارة إلى معرفة الشعوب الأصلية وحقوقهم على الأرض تسع مرات في الحصيلة العالمية، كما أطلقنا مبادرات مثل “مبادرة بودونغ” للسكان الأصليين، والتي تهدف إلى تخصيص 85٪ من التمويل المناخي مباشرة للأراضي والمجتمعات الأصلية لضمان مشاركتهم الفعالة في العمل المناخي.
وفيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، كان “إعلان COP28 الإمارات بشأن مراعاة المساواة بين الجنسين في التحولات الداعمة للعمل المناخي” الذي حاز على تأييد 82 دولة، انتصاراً كبيراً. يسلط هذا الإعلان الضوء على التداخل بين المساواة بين الجنسين والعمل المناخي والعدالة الاجتماعية، وأنا متحمسة لمتابعة تنفيذ الالتزامات في جمع البيانات، التمويل، وتكافؤ الفرص في المؤتمرات المستقبلية.
حقق COP28 تقدماً في تمويل الطبيعة، خاصة فيما يتعلق بحماية المحيطات والمياه. هل يمكنكم إلقاء الضوء على بعض النتائج وأهميتها؟
بالتأكيد، كان تمويل الطبيعة أحد أركان COP28، وأنا سعيدة بأننا تمكنا من تأمين موارد كبيرة لحماية محيطاتنا وأشجار القرم والنظم البيئية للمياه العذبة، حيث كان من أبرز الإنجازات “مبادرة تنمية غابات القرم”، حيث التزمت أكثر من 49 حكومة بحماية واستعادة 15 مليون هكتار من أشجار القرم بحلول عام 2030، مدعومة بـ 4 مليارات دولار من التمويل، هذا إنجاز حاسم في حماية المجتمعات الساحلية والتنوع البيولوجي.
كما أطلقنا “تحدي المياه العذبة” بهدف استعادة 30٪ من النظم البيئية للمياه العذبة حول العالم بحلول 2030، وتم تخصيص 450 مليون دولار لحماية الشعب المرجانية وأعشاب البحر، التي تلعب دوراً هاماً في دعم الحياة البحرية، وكخط دفاع طبيعي ضد تأثيرات المناخ مثل ارتفاع مستوى البحر والعواصف.
كيف تخططون لضمان استمرار زخم COP28 في المستقبل لتحقيق أهداف المناخ والطبيعة؟
COP28 هو البداية، ويجب البناء على التقدم الذي حققناه، ولهذا سنواصل العمل لتحقيق التزامات طموحة في المؤتمرات المستقبلية. إن نجاحنا في تمويل الطبيعة، ودعم حقوق الشعوب الأصلية، والعمل المناخي الداعم للمساواة بين الجنسين يمثل أساساً قوياً للبناء عليه، وسنستمر في التعاون مع الشركاء العالميين لضمان تحويل هذه الالتزامات إلى نتائج عملية.
وبشكل خاص، فإنني سأركز على الحفاظ على زخم “إعلان COP28 الإمارات بشأن مراعاة المساواة بين الجنسين في التحولات الداعمة للعمل المناخي”، وضمان وصول الشعوب الأصلية إلى التمويل المناخي، وشراكاتنا مع القطاع الخاص والمؤسسات المالية التي ستكون أساسية لتوسيع الحلول الإيجابية للطبيعة عالمياً.
أثبتت الإمارات ريادتها في هذا المجال، وأتطلع لأن نلهم الآخرين لمزيد من العمل الطموح في COP29 وما بعده.