وصفت عدّة تقارير رسمية صادرة مؤخراً عن منظمات الأمم المتحدة، عام 2023 بأنه “العام الأكثر سخونة في التاريخ”، بعدما حطّم ارتفاع درجات الحرارة لأول مرة الأرقام القياسية.
ومنذ يومين، أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية رسمياً أن عام 2023 هو العام الأعلى حرارة على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، متفوقاً على الأعوام الأخرى بفارق كبير، في الوقت نفسه كانت الشهور بين يونيو وديسمبر أعلى حرارة من غيرها، بينما كان شهرا يوليو وأغسطس هما الأعلى حرارة على الإطلاق.
وفي وقت سابق، قال عمر بَدّور، المسؤول عن مراقبة المناخ العالمي في المنظمة، إن درجات الحرارة على مستوى كوكب الأرض سجلت رقما قياسيا جديدا، بعدما بلغت الزيادة 1.4 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو ما يعتبر إنذار قوي بالخطر خاصة أن أهداف اتفاقية باريس التي أقرتها الدول في عام 2015، كانت تتطلع إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة دون زيادة قدرها 1 ونصف درجة مئوية، في الوقت نفسه، جددت الدول المشاركة في COP28 التزامها بالعمل المناخي لتحقيق هذا الهدف.
ووفقا للمنظمة، يتم حساب متوسطات درجة الحرارة على مدى عقود وليس في عام واحد مثل عام 2023، ومع ذلك، فقد رجحت المنظمة في وقت سابق، أن تكون إحدى السنوات الخمس المقبلة واحدة من أكثر الأعوام دفئا على الإطلاق، بنسبة 98 في المائة، كما رجحت بنسبة 66 في المائة، أن تتجاوز درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق معدل ما قبل عصر الصناعة في الفترة نفسها، حتى لو كانت هذه الزيادة مؤقتة.
وخلال بيان صحفي منذ يومين، قالت البروفيسورة سيليستى ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: ” تغير المناخ هو التحدي الأكبر الذي تواجهه البشرية، ولا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك يجب أن نحقق تخفيضات جذرية في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأن نسرِّع وتيرة التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة”.
وأضافت أن تغير المناخ يتصاعد على المدى الطويل بسبب الأنشطة البشرية، مما يؤثر بشدة على التنمية المستدامة، وفاقم عدم المساواة، ويهدد الجهود التي تهدف إلى الحد من الفقر والجوع والمرض والنزوح والتدهور البيئي.
في الوقت نفسه، وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، هذه المؤشرات القياسية بأن “أفعال البشر تحرق الأرض”، مضيفاً أن هذا الارتفاع القياسي في 2023 هو مجرد لمحة من المستقبل الكارثي الذي ينتظرنا إن لم نتحرك الآن.
وبشكل عام، لا يتم مراقبة تغير المناخ فقط بتتبع درجات الحرارة العالمية، فوقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، هناك مؤشرات رئيسية أخرى تشمل تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وحرارة المحيطات وتحمُّضها، ومستوى سطح البحر، ومساحة الجليد البحري، وتوازن كتلة الأنهار الجليدية.
ووجد تقرير المنظمة الذي صدر في 30 نوفمبر الماضي، أن هناك ارتفاع قياسي على عدة مستويات وليس فيما يتعلق بدرجات الحرارة فقط، إذ زادت درجات حرارة سطح البحر بشكل استثنائي ومدمر، في الوقت نفسه، تقلصت مساحة الجليد البحري في المنطقة القطبية الجنوبية “أنتاركتيكا” .
على الجانب الآخر، قالت سامانثا بورغيس، نائبة مدير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للمفوضية الأوروبية، خلال بيان صحفي سابق، إن العالم لم يكن بهذا الدفء منذ 120 ألف عام، وذلك وفقاً لتحليل البيانات المعروف باسم السجلات الوكيلة، والتي تشمل رواسب الكهوف، والكائنات المتكلسة، والشعاب المرجانية والأصداف.
وحذرت من أن أي زيادة في درجات الحرارة، حتى ولو كانت مؤقتة، سيكون لها عواقب وخيمة على كل الكوكب بأكمله، والذي سيتعرض لأحداث مناخية متطرفة أكثر تواتراً وشدة .