منذ عدة أيام، أعلنت الحكومة التونسية عن توقيع اتفاقيتي إنجاز محطتي إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بكل من ولايتي قفصة وتطاوين، بقدرة 300 ميغاواط ليتم بذلك استكمال 500 ميغاواط ضمن المرحلة الأولى من إنتاج الكهرباء.
وقالت الحكومة في بيان صحفي، إن تكلفة الاستثمارات الإجمالية للمحطتين تقدر بحوالي 800 مليون دينار تونسي.
وأشرفت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة السيدة فاطمة الثابت شيبوب يوم 8 مايو الماضي، على وضع حجر الأساس لانطلاق إنجاز محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بمنطقة المتبسطة من ولاية القيروان بقدرة 100 ميغاواط، ضمن المرحلة الأولى من برنامج إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة والتي تم خلالها إسناد 5 مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 500 ميغاواط بخمسة ولايات وهي تطاوين (200 ميغاواط)، وتوزر (50ميغاواط)، وسيدي بوزيد (50ميغاواط)، والقيروان( 100ميغاواط) وقفصة (100 ميغاواط).
ويأتي هذا المشروع التونسي بعدما تعهدت 118 حكومة في cop28، بمضاعفة قدرة العالم على إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ومضاعفة كفاءة الطاقة.
وبشكل عام، لا زال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي على العالم إنجازه، إذ كشف تقرير صندوق النقد الدولي في أغسطس 2023 أن دعم الوقود الأحفوري سجل مستويات غير مسبوقة، حيث وصل إلى 7 تريليونات دولار أمريكي في العام الماضي نتيجة دعم الحكومات للمستهلكين والشركات خلال ارتفاع الأسعار العالمية للطاقة، إثر الغزو الروسي لأوكرانيا والتعافي الاقتصادي من جائحة كوفيد-19.
تونس تستهدف الوصول إلى 35% من الطاقة المتجددة بحلول 2030
وفقا لبيان الرئاسة التونسية، تستهدف تونس من خلال مشاريع الطاقات البديلة إلى تخفيض كلفة الدعم المخصص لقطاع الطاقة، وتنمية الاقتصاد الأخضر، والمساهمة في المجهود العالمي في مجال تخفيض الانبعاثات الكربونية”.
في السياق ذاته، علقت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، السيدة فاطمة الثابت شيبوب على المشروع بقولها: “هذا المشروع سيعمل على تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية في قطاع الطاقة، و أبرزها تحقيق معدل إدماج الطاقات المتجددة في المزيج الوطني للكهرباء بنسبة 35 ٪ في سنة 2030 ، والتقليص من عجز ميزان الطاقة، والنهوض بالاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، وتنويع مصادر الطاقة بالاعتماد على الطاقات النظيفة، وهو ما من شأنه أن يساعد في تخفيض الانبعاثات الكربونية”.
وفي تصريحات سابقة للوزيرة، يوم 29 أبريل الماضي، أثناء مشاركتها في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض، قالت إن تونس انتهجت سياسية الترشيد في استهلاك الطاقة، وتستهدف ضمان التزود الآمن بالطاقة للجميع، كما اعتمدت برامج لاستعمال الطاقة الشمسية بالمؤسسات والمباني العمومية، عن طريق تجهيزها بمحطات شمسية لإنتاج الكهرباء بشكل ذاتي إلى جانب تشجيع المواطنين على استعمال الطاقة الشمسية في المباني السكنية، وقطاع الخدمات بهدف التقليص من فاتورة الكهرباء.
في السياق ذاته، أكد كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي السيد وائل شوشان، أن هذا المشروع سيمكن لدى دخوله حيز الإنتاج في سنة 2025 من تقليص نفقات إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي بحوالي 50 مليون دينار.
الوقود الأحفوري يمثل 80% من إنتاج الطاقة العالمي
ووفقا للأمم المتحدة، لا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80 في المائة من إنتاج الطاقة العالمي ، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة، حوالي 29 بالمائة من الكهرباء تأتي حاليًا من مصادر متجددة.
وهناك الكثير من الآمال المعلقة على قدرة العالم على تحقيق هدف التحول الكامل إلى الطاقة المتجددة، وهو ما أكدت العديد من التقارير العلمية أنه ليس هدفاً مستحيلاً، فوفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” ، يمكن أن يأتي 90 في المائة من كهرباء العالم من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.
في الوقت نفسه، أصبحت الطاقة المتجددة اختياراً أقل تكلفة لإنتاج الكهرباء، وتستمر أسعارها في الانخفاض، فوفقا لوكالة آيرينا، انخفضت تكلفة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية بنسبة 85 في المائة بين عامي 2010 و2020، وانخفضت تكلفة طاقة الرياح البرية والبحرية بنسبة 56 في المائة و48 في المائة على التوالي.
مشروع يخدم 43 ألف أسرة
في الوقت نفسه، أعلنت شركة “إيما باور” يوم 8 مايو الماضي، عن تنفيذ مشروع القيروان للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 120 ميجاوات في تونس، من قبل محطة القيروان للطاقة الشمسية، وهي شركة مشروع مسجلة في تونس ومملوكة بالكامل لشركة “إيما باور”، كما سيتم تمويله بقيمة 86 مليون دولار أمريكي من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، عضو مجموعة البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي (AfDB)، وفقاً لبيان الشركة.
وتعليقاً على هذا المشروع، قال حسين النويس، رئيس مجلس إدارة شركة “إيما باور”: “هذا هو أول مشروع للطاقة الشمسية في البلاد بتمويل من القطاع الخاص، مما يمهد الطريق لتونس الأكثر خضرة، ومن خلال الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة، وموقعها الاستراتيجي بين شمال أفريقيا وأوروبا، يمكن لتونس أن تصبح موقعا رئيسيا للطاقة الخضراء والتجارة”
وأضاف خلال بيان صحفي صدر عن الشركة: “يدعم المشروع هدف الحكومة المتمثل في تحقيق 35٪ من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن يتم تشغيل محطة الطاقة الكهروضوئية في الربع الأخير من عام 2025، وسيولد المشروع 222 جيجاوات/ساعة من الطاقة النظيفة سنويًا، وسيوفر الطاقة لأكثر من 43000 أسرة، وسيعوض 117000 طن من انبعاثات الكربون على مدار عمر المشروع، كما سيدعم البلاد في تقليل اعتمادها على واردات النفط والغاز”.
وبشكل عام، كان هناك توجه مؤخرا في تونس لدعم انتقالها نحو الطاقة المتجددة، فقال شوشان خلال تصريحات سابقة في شهر مايو الجاري، خلال ورشة عمل حول النقل الكهربائي في تونس، إن فريق عمل مكون من الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وممثلين عن مختلف الوزارات، قام بإعداد دراسات لتحديد الإمكانات المتاحة للنهوض باستعمال السيارات الكهربائية في تونس، والتي أبرزت أن استعمال السيارات الكهربائية سيمكن من تحقيق العديد من المزايا، مثل الرفع من نسبة إدماج الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي التونسي، والحد من انبعاثات ملوثات الهواء والغازات الدفيئة، لذا تم اعتماد جملة من الإجراءات لتسهيل هذا التحول، مثل إطلاق شبكة لشحن السيارات الكهربائية موزعة على تونس بأكملها تتكون من 60 نقطة شحن .
وترى الأمم المتحدة، أنه يجب استثمار ما لا يقل عن 4 تريليونات دولار سنوياً في الطاقة المتجددة حتى عام 2030 ، لاسيما في التكنولوجيا والبنية التحتية – حتى نصل بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش : “مصادر الطاقة المتجددة هي الطريق الوحيد لكفالة أمن الطاقة الحقيقي وأسعار الطاقة المستقرة وفرص العمل المستدامة”.
كتبت: هدير الحضري، صحفية أولى ESG Mena Arabic