واصل المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 فعالياته في يومه الثاني تحت شعار “من الطموح إلى التنفيذ”، مركّزاً النقاشات على دفع العمل المناخي والبيئي المتكامل، وتحفيز قطاع الأعمال للاستثمار في اقتصادات إيجابية للطبيعة، وتعزيز دور المجتمعات المحلية في جهود الحفظ. ويستضيف المؤتمر، الذي تنظمه وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة – أبوظبي بالشراكة مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، أكثر من 10,000 مشارك ضمن فعاليات الجمعية العامة للأعضاء والمنتدى والمعرض المصاحبين خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر في أبوظبي.
وفي قلب موقع انعقاد المؤتمر، واصل جناح الإمارات العربية المتحدة دوره كمنصة ديناميكية لتبادل المعرفة وبناء الشراكات، ما يعكس الارتباط الوثيق بين الدولة والطبيعة. ومن جهة أخرى، سلطت فعاليات اليوم الثاني الضوء على ابتكارات دولة الإمارات في مختلف قطاعات التكيف مع التغير المناخي، ومرونة إدارة المياه العذبة، والتنوع البيولوجي البحري. وشهدت انعقاد جلسة بعنوان “الطبيعة بلا حدود: تعزيز جهود الإمارات وآسيا والمحيط الهادئ من أجل التكيف مع المناخ والقدرة على مواجهة الكوارث”، وبحضور معالي محمد أحمد البواردي، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة – أبوظبي ورئيس اللجنة التنفيذية للهيئة، لتسلط الضوء على برنامج بناء القدرة على التكيف مع المناخ، وهو مبادرة إقليمية جريئة أطلقتها المؤسسة بالتعاون مع خبراء رائدين من آسيا والمحيط الهادئ، لتعزيز التكيف الإقليمي مع التغير المناخي وإدارة المخاطر البيئية.
ومن جهة أخرى، أطلقت وزارة الخارجية تقرير البنك الدولي بعنوان “الجفاف القاري: تهديد لمستقبلنا المشترك”، مسلطة الضوء على قدرة دولة الإمارات في ربط المناطق التي تواجه تحديات بيئية مماثلة وتوحيد الجهود الدولية للتعامل مع هذه القضايا.
ومن أبرز الجلسات خلال اليوم الثاني، جلسة “الازدهار في مواجهة الصعاب: حماية الحيوانات البحرية العملاقة في البيئات القاسية”، والتي سلطت الضوء على قيادة هيئة البيئة – أبوظبي في رصد وحماية الأنواع الرئيسة مثل أبقار البحر، الثعابين البحرية، السلاحف البحرية والحيتان في مياه أبوظبي الساحلية، وهي نظم بيئية تواجه تحديات فريدة مثل ارتفاع الملوحة ودرجات الحرارة والإثراء الغذائي. كما تناولت الجلسة برامج الإنقاذ وإعادة التأهيل واستعادة الشعاب المرجانية كمصدر غذائي حيوي لأبقار البحر.
وشهد اليوم الثاني جلسة “بعنوان تصميم المدن المرنة: دمج الطبيعة والإنسان والابتكار” وجلسة “إطار التحدي العالمي لموارد المياه العذبة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة”، والتي أكدت على النهج الشمولي لدولة الإمارات في تحقيق الاستدامة، من خلال ربط التصميم الحضري، إدارة البيانات، والحفاظ البيئي لتحقيق مستقبل مرن للإنسان والكوكب.
وتعكس مشاركة دولة الإمارات في المؤتمر ريادتها في الدبلوماسية البيئية العالمية، حيث يشارك خبراء إماراتيون، ممثلون شباب، ومنظمات شريكة في جلسات حول النظم البيئية المقاومة للتغير المناخي، وحماية البحار، وتمويل التنوع البيولوجي. وبقيادة وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة – أبوظبي نجحت الدولة في عرض إنجازاتها الوطنية مثل مشاريع استعادة النظم البيئية، التقدم في أبحاث الكربون الأزرق، وإعادة تأهيل الأنواع الصحراوية المهددة بالانقراض.
كما استضافت هيئة البيئة – أبوظبي جلسة للشباب بعنوان “الخيط الخفي: الإرشاد والتعاون بين الأجيال”، بمشاركة الشيخة عوشة بنت محمد آل نهيان، المخترعة الشابة والفائزة في الأولمبياد الدولي في غرينيتش.
وتعكس هذه الجهود كيفية ربط الاستعادة البيئية بالفرص الاقتصادية، ودعوة العالم لدعم الطبيعة من أجل رفاهية جميع أشكال الحياة.
وكان من أبرز محطات اليوم الثاني افتتاح قمة الأعمال للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في مركز أدنيك – أبوظبي، التي جمعت الرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات العالمية لمناقشة دمج الأهداف الطبيعية في قرارات الشركات وتسريع الاستثمار في اقتصادات إيجابية للطبيعة. كما اختتمت القمة العالمية للشعوب الأصلية والطبيعة أعمالها بعد ثلاثة أيام من الحوار البنّاء، مؤكدة الدور المركزي للمعرفة التقليدية والقيادة المجتمعية في تحقيق نتائج عالمية للحفظ.
ونظمت جلسة رفيعة المستوى حول ترابط الطبيعة والمناخ والإنسان بقيادة المجلس العالمي لأهداف التنمية المستدامة، وبمشاركة ممثلين عن أربعة أهداف مترابطة ضمن أجندة 2030. واستعرضت الجلسة، التي نظمت بالشراكة بين الأمانة العامة لأهداف التنمية المستدامة في الإمارات وهيئة البيئة – أبوظبي مسارات العمل لربط أولويات المياه العذبة، البحار، البراري، والمناخ، مؤكدة أن الحوكمة المتكاملة ضرورية لتحقيق تقدم ملموس نحو أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وشهدت الجلسات العامة للمؤتمر مناقشات حول كيفية توظيف العدالة، الابتكار، والتمويل في بناء مستقبل مرن وإيجابي للطبيعة، بينما ركزت جلسات مناطق التعلم على آخر التطورات في التمويل الأخضر، تقنيات استعادة النظم البيئية، والقيادة الشاملة في مجال الحفظ.
وكان تمكين الشباب محوراً أساسياً خلال اليوم، من خلال جلسات سلطت الضوء على فرص العمل المستدام والعمل المجتمعي باعتبارهما المستقبل القادم لتعزيز مشاركة الجيل الجديد في جهود الحفاظ على الطبيعة.
وقالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: “أظهر اليوم كيف يمكن للحوكمة المتكاملة بين الحكومة، القطاع الخاص والمجتمع تحويل الالتزامات إلى نتائج ملموسة.” وتابعت: إن نموذج الإمارات يربط العمل المناخي والحفاظ على الطبيعة بالغذاء والمياه والصحة والوظائف لضمان تقدم متوازن للإنسان والكوكب معاً.
من جانبها، قالت سعادة رزان خليفة المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة: “دعت قمة الأعمال إلى دمج الطبيعة في القرارات الاستراتيجية والمالية، إلى جانب تأكيد القمة العالمية للشعوب الأصلية على أهمية المعرفة التقليدية، بما يعكس الجهود الشاملة المطلوبة لتحقيق إطار كونمينغ–مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي.”
وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، مستشار الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في غرب آسيا ونائب رئيس المجلس العالمي للهدف 14 للتنمية المستدامة: “من جلسة ربط أهداف التنمية المستدامة إلى الجلسات المجتمعية في الأجنحة، أكد اليوم الثاني مكانة أبوظبي كمنصة عالمية حيث تُبتكر الحلول المشتركة، مستندة إلى العلم والثقافة، وموسعة من خلال الشراكات.”
واختتم اليوم بحفل استقبال أقامته سفارة المملكة المتحدة في دولة الإمارات، احتفاءً بالمبادرات المشتركة بين هيئة البيئة – أبوظبي وجمعية علم الحيوان في لندن (ZSL)، مؤكداً أهمية الشراكات الدولية في حماية التنوع البيولوجي.
ويواصل المؤتمر في يومه الثالث التركيز على جهود الحفاظ على الطبيعة، مع توجيه المشاركين نحو تعزيز مرونة المحيطات، والتمويل الأخضر، وتمكين الشباب، مما يعزز مكانة أبوظبي كمركز عالمي للدبلوماسية البيئية والعمل المناخي التعاوني.