تفيد تقارير وكالة الطاقة الدولية أن قطاع البناء يساهم في 36% من الطلب العالمي على الطاقة وهو مسؤول عن استهلاك 40% من الطاقة العالمية والانبعاثات المرتبطة بالعمليات الانشائية.
وكانت هناك دعوة مستأنفة وعاجلة لزعماء العالم في مؤتمر الاطراف (COP28)، الذي انعقد في دبي، للعمل معًا من أجل تعزيز أجندة المناخ. وللحد من ظاهرة الانحباس الحراري العالمي، فلا بد من خفض الانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي يجب تحقيقه في غضون السنوات السبع المقبلة.
وبنفس الوقت يواجه قطاع صناعة البناء والتشييد، الذي طالما عرف عنه بأنه صديق للبيئة، تدقيق متزايد عندما يتعلق الأمر باعتماد الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، إذ تقع على عاتق جميع الأطراف مسؤولية جماعية للعمل من أجل حاضر وغد أفضل، حيث لم يكن دور التكنولوجيا أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ومن أجل الحفاظ على قدرتها التنافسية والاستدامة، يجب على شركات البناء أن تعالج جهودها على الجهتين: إحداث تغيير ملموس، وقياسه بفعالية ودقة. وينظر المستثمرون بشكل متزايد على اعتماد الأعمال المتعلقة بممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة ويعتبرون “الاستدامة” جزءًا مهمًا من محفظتهم الاستثمارية بفضل تحسين إدارة المخاطر وزيادة الشفافية وتحقيق عوائد أفضل. ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها “ساستينبل سكوير” وجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط “ميرا”، فإن 51% من محادثات الاستدامة في دول الخليج العربي تجري على مستوى مجالس الإدارة. علاوة على ذلك، لاحظت 76% من الشركات في دول الخليج العربي تحولاً ملحوظاً في تفضيلات المستهلكين تجاه الشركات التي تتوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
كما تحتاج شركات البناء إلى تحسين أداء التخطيط، والتنفيذ، والتحقق من صحة استراتيجيات الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، لإفادة المستثمرين وأصحاب المصلحة والمجتمعات. بدءًا من التخطيط الرئيسي لمشاريع البناء، وحتى ضمان رفاهية القوى العاملة، إلى جانب قياس المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، إذ تلعب التكنولوجيا دورًا بالغ الأهمية وحاسمًا في تحقيق الأهداف المنصوص عليها في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي تحدد كيف يمكن لقطاعي العام والخاص العمل من أجل مستقبل أكثر استدامة.
في “ويكاب”، التي تأسست عام 2017 وتتواجد أعمالها حاليًا في الإمارات والسعودية وسان فرانسيسكو، نحن نؤمن دائمًا بأن التكنولوجيا يجب أن تكون أداة يستفاد منها من أجل مصلحة البشرية. ونحن نعمل بشكل وثيق مع كبار المطورين العقاريين لتحسين مؤشرات الأداء الرئيسية على المواقع الانشائية، بدءًا من السلامة وهدر الطاقة وحضور العاملين وتوفير التكاليف وتخصيص الموارد والمزيد من ذلك.
التكنولوجيا الأكثر استدامة: إنترنت الأشياء
يتم دمج الأجهزة والمستشعرات لتقنيات إنترنت الأشياء على نحو متزايد في المباني لمراقبة استخدام الطاقة والتحكم بها في الوقت الفعلي. ويشمل ذلك الإضاءة الذكية وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء وأنظمة إدارة الطاقة الآلية التي تعمل على تحسين استهلاك الطاقة. وينطبق تطبيقها على عملية البناء بنفس الطريقة. إذ تتيح تقنيتنا القابلة للارتداء لأصحاب المواقع ومديريها فهم ما يحدث بالضبط في مواقعهم.
يعمل الحل الذكي الذي قمنا بتطويره من خلال جعل الموقع متصلاً بالشبكة بالكامل. لقد حققنا المركز الأول عالميًا في عام 2018 في مشروع برج “أوبرا جراند تاور” التابع لشركة إعمار في وسط مدينة دبي عندما أصبح المشروع أكبر موقع بناء متصل بالشبكة في العالم، وتم تنفيذ تقنيات “ويكاب” في المشروع في مبادرة رائدة حظيت باهتمام كبير على مستوى الصناعة في ذلك الوقت وأظهرت كيف يمكن لمشاريع البناء أن تستفيد من تبسيط عملياتها بفضل تعزيز المراقبة والشفافية عبر جمع البيانات.
حلول مبتكرة
باعتبارنا شركة شغوفة بتحسين أداء عمليات البناء، فإننا متحمسون لتقديم العديد من الحلول الناشئة والأكثر رسوخًا والتي يتم اعتمادها بشكل متزايد في المواقع، حيث يمكن لعمال البناء الاستفادة من الأجهزة القابلة للارتداء التي تراقب مقاييس الصحة والسلامة. ويشمل ذلك أجهزة الاستشعار التي تكتشف المخاطر البيئية، والخوذات الذكية، والأجهزة التي ترسل التنبيهات عن الحركات غير العادية مثل السقوط.
يمكن أن تساعد التكنولوجيا كذلك في تتبع مصادر المواد وتعقب تحركاتها، مما يضمن استيفائها للمعايير المستدامة والأخلاقية. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام تقنية سلسلة الكتل (البلوك تشين) في سلاسل التوريد لتوفير الشفافية وتتبع الشحنات.
وتعمل تقنية نمذجة معلومات البناء على إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد تسمح لأصحاب المشاريع برؤية تصميمات المباني وتحسينها قبل البدء في عمليات البناء. ويساعد ذلك في اتخاذ قرارات تصميمية أكثر استدامة، بما في ذلك تخطيطات المباني الموفرة للطاقة واختيار المواد المستخدمة.
يمكن لقطاع البناء الاستفادة أيضاً من التكنولوجيا لدمج حلول الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وأنظمة تخزين الطاقة في تصاميم المباني.
تحليلات البيانات وإعداد التقارير
تتيح التكنولوجيا الفرصة لجمع البيانات وتحليلها وإعداد التقارير عنها بكفاءة، بما في ذلك البيانات المتعلقة بممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويشمل ذلك المراقبة والإبلاغ عن انبعاثات الكربون واستخدامات المياه وقياس التأثير الاجتماعي. ويمكن لأدوات جمع البيانات أن تساعد أصحاب المشاريع على فهم وتصور الأثر البيئي والاجتماعي لمشاريع البناء، مما يؤدي إلى تحسين الشفافية وتحديد المسؤولية.
إن دور التكنولوجيا لا غنى عنه في تحسين أهداف الاستدامة، وأود أن أقول إن الاثنين لا ينفصلان عن بعض ونحن نتقدم نحو تحقيق الأهداف العالمية للحد من انبعاثات الكربون. وأتوقع أن يؤدي الطلب المتزايد على الشفافية والدقة في المعلومات إلى تحفيز الابتكار بشكل كبير. وهذا يتردد صداه مع طموحات شركة “ويكاب”، حيث أظهرت التجارب المباشرة كيف يمكن للبيانات المحسنة والدقيقة أن تحدث ثورة في كفاءة اداء الشركة وعملياتها وعوائدها المالية. ومع اقترابنا من منتصف الفترة المحددة لخطة عام 2030، تلوح في الأفق زيادة حتمية في الدعوة إلى الشفافية في الاعمال، وخاصة في ما يتعلق بالانبعاثات الكربونية.
إيشيتا سود هي المؤسس المشارك لشركة “ويكاب” WakeCap