اتخذت مصر في الأشهر الأخيرة خطوات كبيرة لتعزيز منظومة إدارة المخلفات، حيث تبذل جهودًا لبناء بنية تحتية متكاملة تضمن التخلص الآمن من النفايات والحفاظ على البيئة، وقد تجسدت هذه الجهود في العديد من المشاريع والمبادرات التي تستهدف تحسين جودة الحياة للمواطنين وحماية الموارد الطبيعية.
ومن أبرز هذه المشاريع، إنشاء مدافن صحية حديثة في العديد من المحافظات المصرية، مثل البحر الأحمر، وهذه المدافن تساهم بشكل كبير في الحد من التلوث البيئي، والقضاء على ظاهرة الحرق العشوائي للنفايات، والتي كانت تمثل تهديدًا صحيًا وبيئيًا كبيرًا.
في الوقت نفسه، تعمل الحكومة المصرية على تشجيع الاستثمار في مجال إعادة تدوير النفايات، حيث تم تخصيص مساحات واسعة لإنشاء مصانع تدوير قادرة على تحويل النفايات إلى منتجات قابلة للاستخدام، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية، وخلق فرص عمل جديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، اطلقت الدولة حملات توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة، وتشجيعهم على فرز النفايات من المصدر، والحد من إنتاج النفايات. كما تسعى الحكومة إلى تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص في مجال إدارة النفايات، للاستفادة من الخبرات والكفاءات المتاحة.
ولكن الأمر ليس سهلا، إذ تواجه مصر تحديات عديدة في مجال إدارة النفايات، منها على سبيل المثال الحجم الكبير للنفايات المتولدة، وكثافة السكان،
وعلى مستوى العالم، تتضخّم أزمة النفايات بشكل مقلق، فوفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، يتم جمع ما يقدر بنحو11.2 مليار طن من النفايات الصلبة سنويا، مما يساهم بحوالي 5٪ من انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي.
وتوقّع تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في فبراير الماضي، أن ينمو حجم النفايات الصلبة من 2.1 مليار طن في عام 2023 إلى 3.8 مليار طن بحلول عام 2050، كما قدّدر التقرير التكلفة العالمية المباشرة لإدارة النفايات بنحو 252 مليار دولار أمريكي في عام 2022.
إدارة النفايات تمنحنا الأمل
في الوقت نفسه، منح التقرير بعض الأمل، إذ قال إن مراقبة النفايات من خلال اتخاذ تدابير لمنع النفايات وإدارتها يمكن أن تقلل من صافي التكاليف السنوية بحلول عام 2050 إلى 270.2 مليار دولار أمريكي، كما توقع أن تعزيز تجنب النفايات، والممارسات التجارية المستدامة، والإدارة الكاملة للنفايات، يمكن أن يؤدي إلى مكاسب صافية كاملة قدرها 108.5 مليار دولار أمريكي سنوياً
وزيرة التنمية المحلية : استثمارات بقيمة 361 مليون جنيه لإدارة المخلفات
ومنذ عدّة أيّام، قامت وزارتا البيئة والتنمية المحلية في مصر بالتسليم الابتدائى للمدفن الصحي بمدينة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر، وأشارت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، إلى أن خلية الدفن تقع على مساحة ١٠ أفدنة، محاطة بسور كبير للحماية من السيول والأمطار على كامل المساحة المخصصة للمدفن، ويتضمن المدفن مبنى إدارى، وغرفة للمولدات، وخزان وقود يومى، وخزان مياه، وخلية تجميع المخلفات الصلبة بها مجرى تصريف سائل الرشيح ومحاطة بسور من الخرسانة المسلحة، كما يوجد بالمدفن العديد من التجهيزات اللازمة لعمليات التشغيل.
وأضافت وزيرة البيئة، أن ذلك يأتى بهدف دعم وتطوير البنية التحتية لمنظومة النظافة بالمحافظات، وزيادة فرصة التخلص الآمن من المرفوضات الناتجة عن المخلفات، بالإضافة إلى غلق المقالب العشوائية للقضاء على ظاهرة الحرق العشوائي بما يحد من حجم الانبعاثات الناتجة عن تراكم المخلفات ، إلى جانب الحد من الآثار الضارة على الصحة.
في الوقت نفسه، قالت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية المصرية، إن التكلفة الإجمالية للمدفن الصحي بمدينة رأس غارب بلغت حوالي 62.5 مليون جنيه، مشيرة إلي أنه تم الإنتهاء كذلك من تسليم المدافن الصحية بمدن مرسى علم وسفاجا والغردقة بمحافظة البحر الأحمر بتكلفة بلغت 111 مليون جنيه، بالإضافة إلى انه جاري إنشاء عدد 3 مدافن صحية ضمن مشروعات البنية التحتية لمنظومة المخلفات بالمحافظة بمدن القصير و حلايب وشلاتين، تكلفة ستبلغ 187.5 مليون جنيه.
وأوضحت الدكتورة منال عوض أن حجم الإستثمارات المُقدمة من وزارة التنمية المحلية لتطوير المنظومة المتكاملة لإدارة المخلفات بمحافظة البحر الأحمر بلغت حوالي 361 مليون جنيه مصري.
استقبلت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، النائب البرلمانى حسام العمدة عضو مجلس النواب عن محافظة بنى سويف لمناقشة عدد من القضايا والمشكلات البيئية بالمحافظة، وبحث آليات مواجهة التحديات البيئية بها، وذلك فى اطار حرص سيادتها الدائم على التواصل مع اعضاء البرلمان لمناقشة الموضوعات البيئية بدوائرهم، وذلك بحضور الأستاذ ياسر عبدالله، مساعد الوزيرة لشئون المخلفات والقائم بأعمال رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات،وعدد من قيادات الوزارة المعنية.
البداية منذ خمس سنوات
وفي تصريحات صحفية لوزيرة البيئة المصرية هذا الاسبوع، قالت إنه تم البدء فى بناء منظومة جديدة للمخلفات منذ خمس سنوات، والآن بلغت تكلفة إنشاء البنية الجديدة للتخلص الآمن من المخلفات في مصر ١٠ مليارات جنيه .
وأضافت أن الوزارة تهتم أيضاً بتشجيع الاستثمار في مصانع تدوير المخلفات، و إعادة تدوير المخلفات الزراعية، والتي كانت مدخلا للسيطرة على السحابة السوداء ، من خلال إتاحة الفرصة للمزارعين للاستثمار في كبس وتدوير قش الأرز، مشيرة ‘إلى عدد من النماذج التجريبية فى هذا المجال ومنها تجربة محافظة الوادى الجديد للاستثمار في مجال المخلفات الزراعية وخاصة جريد النخيل لإنتاج الأخشاب MDF.
إنشاء مدينة المخلفات في منطقة “العاشر من رمضان”
ومنذ عدّة أيّام أيضاً، تفقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، مراحل إنشاء البنية التحتية بالمدينة المتكاملة لمعالجة المخلفات بالعاشر من رمضان، والذي يتم تنفيذه من خلال مشروع “إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى” الممول من البنك الدولي.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أن انشاء أول مدينة متكاملة للمخلفات الصلبة البلدية فى مصر والشرق الأوسط حلم بدأ تنفيذه على أرض الواقع، حيث أدركت الدولة المصرية مع بدء منظومة المخلفات فى عام 2019 تأثيرها بصورة مباشرة على تلوث الهواء، والانبعاثات الخاصة بزيادة الاحتباس الحراري، والمتسببة فى ظاهرة تغير المناخ، الأمر الذى استدعى معه دعم البنك الدولى بمبلغ 14 مليون دولار للمدينة كمشروع متكامل، من أجل الحد من تلوث الهواء، والتصدى لآثار تغير المناخ.
ولفتت وزيرة البيئة إلى منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة تعد أحد أهم آليات تحقيق الأهداف التنموية المرتبطة بالبيئة، لافتة إلى أن منظومة المخلفات الجديدة تستهدف تحسين ممارسات معالجة تدوير المخلفات وزيادة نسبة التخلص من المخلفات الصلبة بصورة آمنة، ورفع كفاءة جمع المخلفات البلدية وزيادة نسبة جمع المخلفات البلدية الصلبة وتدويرها بطريقة سليمة بيئياً، بما يتسق مع جهود الدولة فى إرساء دعائم التنمية الشاملة والمستدامة بمختلف أبعادها على نحو يستهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم.
ومن جانبها أكدت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، أنه من المهم تشجيع القطاع الخاص المتواجد في المحافظتين للدخول في عمليات الإدارة والتشغيل للمعالجة والدفن الصحي الآمن للمخلفات في مكونات المشروع، ليس فقط علي مستوي المخلفات البلدية الصلبة ولكن أيضا على مستوى مخلفات البناء والهدم والمخلفات الطبية والصناعية والخطرة .
وتعتزم مصر إنشاء المدينة المتكاملة للمخلفات على مساحة 1226 فدان، وتبعد عن المنطقة الصناعية الجنوبية لمدينة العاشر من رمضان، وتبعد مسافة 7 كيلو قبل مدينة الاسماعيلية، ومسافة 12 كيلو بعد مدينة بدر، حيث تستقبل مخلفات بلدية، ومخلفات الهدم والبناء، والمخلفات الطبية، والصناعية، والمخلفات الخطرة ، وتم مراعاة كمية المخلفات المستقبلية المتولدة عن محافظتي القاهرة والقليوبية، حيث تم تخصيص مساحة 106 فدان لمعالجة المخلفات البلدية الصلبة المتولدة عن محافظة القليوبية ومساحة 237,5 فدان للتخلص الآمن من المرفوضات، ومساحة 10 فدان لمعالجة والتخلص الآمن من المخلفات الطبية بمحافظة القليوبية، وتخصيص مساحة 212 فدان لمعالجة المخلفات البلدية الصلبة المتولدة عن محافظة القاهرة ومساحة 446.7 فدان للتخلص الآمن من المرفوضات الناتجة عن عمليات المعالجة، بالإضافة إلى مساحة 16.5فدان لمعالجة والتخلص الآمن من المخلفات الطبية المتولدة عن محافظة القاهرة، كما تضم المدينة مساحة 76.14 فدان لمعالجة المخلفات الصناعية الخطرة ومساحة 23 فدان لمعالجة مخلفات البناء والهدم.
كتبت- هدير الحضري، صحفية أولى في ESG Mena Arabic