أطلق الأمين العام للأمم المتحدة، الخميس الماضي دعوة عالمية للعمل من أجل الحد من ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن الأسبوع الماضي شهد تسجيل أعلى درجات حرارة على الإطلاق، وفقاً لبيان صحفي صدر عن الأمم المتحدة.
وأشار الأمين العام خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إلى أن أيام الأحد والاثنين والثلاثاء الماضية شهدت تحطيم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة العالمية، وفقا لبيانات صادرة عن خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
ونبّه أنطونيو غوتيريش إلى أن درجات الحرارة القصوى أصبحت الآن قضية عالمية مستمرة وليست حوادث معزولة. وقد أدت موجة الحر إلى عواقب وخيمة شملت وفاة 1,300 شخص أثناء موسم الحج (في المملكة العربية السعودية)، وإغلاق مناطق الجذب السياحي في أوروبا، وإغلاق المدارس في آسيا وأفريقيا مما أثر على أكثر من 80 مليون طفل.
كما تطرق الأمين العام إلى موجة الحر القاتلة التي تضرب منطقة الساحل، مع ارتفاع حالات دخول المستشفيات والوفيات. وفي الولايات المتحدة تم تحطيم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة في جميع أنحاء البلاد، مما وضع 120 مليون شخص تحت تحذيرات استشارية بشأن الحر.
وأضاف الأمين العام أن الحرارة الشديدة تمزق الاقتصادات وتوسع عدم المساواة وتقوض أهـداف التنمية المستدامة وتقتل الناس. ومضى قائلا: “الأرض تصبح أكثر سخونة وخطورة على الجميع، في كل مكان. يواجه مليارات الأشخاص وباء من الحرارة الشديدة – حيث يذبلون تحت موجات حر مميتة بشكل متزايد، مع درجات حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية في جميع أنحاء العالم. هذا يعادل 122 درجة فهرنهايت. ونصف درجة الغليان (100 درجة مئوية)”.
وأشار الأمين العام إلى أن الحرارة الشديدة تتفاقم بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية، حيث تقدر الوفيات المرتبطة بالحرارة بنحو نصف مليون سنويا، وهو ما يتجاوز بكثير تأثير الأعاصير المدارية.
وركزت دعوة الأمين العام العالمية بشأن الحرارة الشديدة على أربعة مجالات رئيسية: حماية الفئات السكانية الأكثر ضعفا، وتعزيز سلامة العمال ضد المخاطر المرتبطة بالحرارة، وتعزيز القدرة على الصمود من خلال خطط العمل المتعلقة بالحرارة القائمة على البيانات، والحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية عن طريق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة.
وبشأن حماية الفئات الأكثر ضعفا، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن زيادة الوصول إلى حلول التبريد وأنظمة الإنذار المبكر والمساعدات المالية أمر بالغ الأهمية لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.
أما بخصوص حماية العمال، فأكد الأمين العام على ضرورة تطبيق القوانين واللوائح لحماية العمال المعرضين للحرارة الشديدة، نظرا لتأثيرها الضار على إنتاجية العمل والصحة.
وفي الوقت نفسه، أشار الأمين العام إلى تقرير جديد أصدرته منظمة العمل الدولية، اليوم الخميس، حذر من أن أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة العالمية – أي 2.4 مليار شخص – معرضون الآن لخطر كبير من الحرارة الشديدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن الحرارة المفرطة هي سبب ما يقارب 23 مليون إصابة في أماكن العمل حول العالم. وعندما ترتفع درجات الحرارة اليومية فوق 34 درجة مئوية – أي 93.2 درجة فهرنهايت – تنخفض إنتاجية العمل بنسبة 50 في المائة. ومن المتوقع أن يكلف الإجهاد الحراري في العمل الاقتصاد العالمي 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، بزيادة قدرها 280 مليار دولار عن منتصف التسعينيات.
وقال: “ تكمن المشكلة الأساسية في الاعتماد على الوقود الأحفوري، و بد من الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتحقيق الأهداف العالمية المتفق عليها في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين حول المناخ، لمضاعفة قدرة العالم على إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات، وإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030”.
درجات الحرارة تقتل 377 طفلاً في عام 2021
وقبل إطلاق هذا التقرير بيومين، أطلقت ايونيسيف تقريراً قالت فيها إن أودت درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وآسيا الوسطى بحياة ما يقدر بنحو 377 طفلا عام 2021 – وفقا لتقرير جديد نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) اليوم الأربعاء واشتمل على بيانات من 23 دولة.
حمل التقرير عنوان: “التغلب على الحر: صحة الطفل وسط موجات الحر في أوروبا وآسيا الوسطى”. وخلص إلى أن نصف هؤلاء الأطفال ماتوا بسبب أمراض مرتبطة بالحرارة في عامهم الأول من العمر. وتوفي معظم الأطفال خلال أشهر الصيف.
وقالت ريجينا دي دومينيسيس، المديرة الإقليمية لليونيسف في أوروبا وآسيا الوسطى إن حوالي نصف الأطفال في جميع أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى – أي 92 مليون طفل – يتعرضون بالفعل لموجات حر متكررة في منطقة ترتفع فيها درجات الحرارة بأسرع معدل عالميا.
وطالبت اليونسيف الحكومات بدمج استراتيجيات الحد من تأثير موجات الحر بما في ذلك من خلال المساهمات المحددة وطنيا، وخطط التكيف الوطنية، وسياسات الحد من مخاطر الكوارث وإدارة الكوارث مع وضع الأطفال في مركز هذه الخطط، والاستثمار في خطط عمل الصحة الحرارية والرعاية الصحية الأولية لدعم الأمراض المرتبطة بالحرارة بشكل أكثر ملاءمة بين الأطفال.
وطالبت بالاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، بما في ذلك أنظمة التنبيه الحراري، وتكييف المرافق التعليمية لخفض درجات الحرارة في المناطق التي يلعب فيها الأطفال وتزويد المعلمين بالمهارات اللازمة للاستجابة للإجهاد الحراري، وتكييف التصميم الحضري والبنية التحتية بما في ذلك ضمان تجهيز المباني، وخاصة تلك التي تضم المجتمعات الأكثر ضعفا، لتقليل التعرض للحرارة.
وفي يوم 8 يوليو الماضي، قالت الأمم المتحدة إن العالم شهد في شهر الماضي ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، مسجلا رقما قياسيا جديدا للشهر الثالث عشر على التوالي. هذه الظاهرة، وإن كانت نادرة، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، فقد شهد العالم سلسلة مماثلة من الارتفاعات القياسية في درجات الحرارة خلال عامي 2015 و2016.
ووفقا لبيانات خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ، تجاوز متوسط درجات حرارة شهر يونيو الماضي المعدل المقدر للفترة المرجعية ما قبل الصناعة (1850-1900) بمقدار 1.5 درجة مئوية. ويمثل هذا الشهر الثاني عشر على التوالي الذي يصل فيه المتوسط العالمي لدرجة الحرارة إلى عتبة 1.5 درجة مئوية أو يتجاوزها.
وبلغ متوسط درجة الحرارة العالمية خلال فترة الاثني عشر شهرا الماضية 1.64 درجة مئوية فوق متوسط فترة ما قبل الصناعة (1850-1900).
وقالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيليست سولو، خلال البيان الصحفي: “هذه الأرقام الأخيرة من خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ تؤكد للأسف أننا سنتجاوز مستوى 1.5 درجة مئوية بشكل مؤقت وبشكل متزايد، على أساس شهري، لكنها أكدت على أن التجاوزات المؤقتة لا تعني أن هدف 1.5 درجة مئوية قد ضاع بشكل دائم لأنه يشير إلى الاحترار طويل المدى على مدى عقدين على الأقل”
وأضافت: “شهد شهر يونيو موجات حر واسعة النطاق وطويلة الأمد في العديد من البلدان، مع تأثيرات كبيرة على جميع جوانب حياة الناس. وكان ذلك حتى قبل الذروة التقليدية لفصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، والتي ستشهد بلا شك المزيد من الحرارة الشديدة. وتثير درجات حرارة سطح البحر القياسية قلقا كبيرا على النظم البيئية البحرية الحيوية، كما أنها توفر الطاقة لتغذية الأعاصير المدارية – كما رأينا مع إعصار بيريل”.