Home » الثورة الكهربائية في قطاع النقل: التحول السريع من محركات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الكهربائية

الثورة الكهربائية في قطاع النقل: التحول السريع من محركات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الكهربائية

by Elhadary

يشهد قطاع المركبات نقلة نوعية من المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي إلى المركبات الكهربائية، ويسجل النمو السنوي في تبني المركبات الكهربائية مستويات تفوق التوقعات، وهو أمر نادر الحدوث في أي قطاع آخر. فمع نهاية عام 2024، وصل عدد المركبات الكهربائية في الصين وحدها إلى 34 مليون مركبة، ومن المتوقع زيادة هذا الرقم بمقدار سبعة أضعاف خلال العقد المقبل. وبينما تتبوأ الصين والاتحاد الأوروبي مكانة ريادية في هذا التحول، تشهد بعض المناطق الأخرى تقدماً ملحوظاً في هذا المسار أيضاً.

أنواع المركبات الكهربائية

تتوفر المركبات الكهربائية بثلاث فئات رئيسية، وهي المركبات الكهربائية العاملة بالبطارية، والتي تعمل بالكامل على البطارية ويتم شحنها بتيار مستمر وتيار متناوب من مصادر طاقة خارجية. وتدعم هذه المركبات خيارات الشحن من المستويات 1 و2 و3. وتتمثل الفئة الثانية في المركبات الهجينة القابلة للشحن (PHEV)، والتي تجمع بين تقنيتي محركات الاحتراق الداخلي والمحركات الكهربائية، مما يتيح للمالكين اختيار وضع القيادة المناسب لهم. وتعد سعة البطارية في هذه المركبات أقل من سعة بطارية المركبات الكهربائية العاملة بالبطارية، بالإضافة إلى كونها تدعم خيارات الشحن من المستويين 1 و2. أما الفئة الثالثة فهي المركبات الكهربائية الهجينة (HEV)، التي تدمج بين تقنيتي محركات الاحتراق الداخلي والبطارية. وتعتمد هذه المركبات بشكل أساسي على محركات الاحتراق الداخلي، ويتم التحكم في طريقة اختيار مصدر الطاقة تلقائياً من خلال خوارزميات البرمجيات المدمجة فيها. كما تُشحن بطاريتها من خلال محرك الاحتراق الداخلي دون الحاجة إلى شحن خارجي.

وإضافة إلى ما سبق، هناك فئة ناشئة تُعرف بالمركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود (FCEV)، والتي تعتمد على مزيج من خلايا وقود الهيدروجين وتكنولوجيا البطاريات.

محفزات التحول إلى المركبات الكهربائية

يزداد الإقبال العالمي نحو تبني المركبات الكهربائية لأسباب عديد أهمها الاحتباس الحراري، والتغييرات المناخية، والانبعاثات الكربونية، والمبادرات المستدامة. وتمخض اتفاق باريس لعام 2015 عن التزام 196 دولة بتحقيق هدفه المتمثل في وقف ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. وتدعم الحكومات هذا التحول عبر طرح حزم حوافز خاصة، وتخفيض الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، وإطلاق حملات ترويجية تشجع تبني هذا النوع من المركبات.

كما ساهم ارتفاع أسعار الوقود في ظل تأجج الصراعات الجيوسياسية في تعزيز الاهتمام بالمركبات الكهربائية. ففي بعض الدول، قد تكون تكلفة شحن المركبة الكهربائية أقل بنسبة تصل إلى 80% من تزويد مركبة تقليدية بالوقود.

ومن جهة أخرى، يوجه المصنعون تركيزهم على تطوير المركبات الكهربائية وإدراج ميزات مبتكرة فيها، بما في ذلك أنظمة الركن الآلي ولوحات التحكم الرقمية المتقدمة، مما يجعلها أكثر جاذبية لدى المزيد من المشترين. وقد ساهم استخدام هذه الابتكارات التكنولوجية في المركبات الكهربائية بمنح مالكيها مستوى راحة يضاهي المركبات التقليدية.

معدل انتشار المركبات الكهربائية حالياً

في عام 2024، تجاوزت مبيعات المركبات الكهربائية في الصين مبيعات المركبات العاملة بالبنزين للمرة الأولى، حيث أضافت الصين 12 مليون مركبة كهربائية جديدة، ليصل العدد الإجمالي لهذه المركبات في الدولة إلى 32 مليون مركبة. كما تجاوز تبني المركبات الكهربائية لنقل الركاب نسبة 50%، في حين وصلت نسبة انتشار مركبات النقل الثقيلة الكهربائية إلى 18% شهرياً. بينما تراوحت نسبة استخدام المركبات الكهربائية في وسائل النقل العام (الحافلات/سيارات الأجرة) بين 70-72%.

وتجاوز معدل تبني المركبات الكهربائية في منطقة الاتحاد الأوروبي نسبة 22%، وتبوأت النرويج مرتبة الصدارة بنسبة 95.6%، تلتها آيسلندا بنسبة 60.1%، وفنلندا بنسبة 54.4%.

بينما لا يزال تبني هذه المركبات بمراحله الأولى في العديد من المناطق الأخرى، إلا أنه يسجل نمواً مطرداً، حيث بلغت نسبة انتشار المركبات الكهربائية في هونغ كونغ 60%، وفي سنغافورة 33%، وفي كل من كوريا الجنوبية وتايلاند 10%.

تحديات البنية التحتية لمحطات الشحن

يتردد الكثير من المشترين في امتلاك مركبة كهربائية بسبب عدم وجود شبكات شحن عامة كافية. يُضاف إلى ذلك وجود عدد قليل من محطات الشحن السريع وفائق السرعة، وأوقات الشحن وطوابير الانتظار الطويلة، وعدم قدرة محطات الشحن الحالية على خدمة أكثر من 2 إلى 4 مركبات في الوقت ذاته.

مع توجه قطاع المركبات الكهربائية الحديثة نحو تبني منصات الشحن بالتيار المستمر قوة 800 فولت التي تدعم الشحن فائق السرعة، من الضروري تطوير البنية التحتية لمحطات الشحن لتواكب هذا التطور. وعليه، يجب أن تتبنى محطات الشحن المستقبلية نموذجاً مشابهاً لمحطات الوقود التقليدية، بحيث يمكنها استيعاب من 10 إلى 12 مركبة في وقت واحد تلبيةً للطلب الحضري المتزايد.

وجهة نظر مشغلي محطات الشحن

يهدف مشغلو محطات الشحن إلى تحسين مبيعاتهم من الكهرباء، حيث ترتبط الإيرادات بشكل مباشر بمقدار الكيلوواط/ساعة المباع. ومع ذلك، يواجه العديد من المشغلين صعوبة في تحقيق الربحية بسبب عدم كفاءة استراتيجيات النشر. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على مشغلي محطات الشحن بناء محطات تدعم شحن عدة مركبات في نفس الوقت؛ وتطوير محطات عالية القدرة (ما يقارب 500 كيلوواط) لزيادة مبيعات الكهرباء؛ إلى جانب التركيز على معامل الاستخدام، بحيث يتم توزيع أكثر من 95% من السعة المتاحة على المركبات المتصلة؛ بالإضافة إلى تقليل النفقات التشغيلية، لا سيما تكاليف الصيانة، وإطالة عمر أجهزة الشحن.

باختصار، يتعين على مشغلي محطات الشحن أن يأخذوا بعين الاعتبار معامل الاستخدام، والنفقات التشغيلية، وعمر المعدات لضمان استدامة نماذج أعمالهم وتقليل فترات العائد الاستثماري.

الخلاصة

رغم اقتراب تكنولوجيا المركبات الكهربائية من مرحلة النضج، إلا أننا ما نزال في الطور الأول من هذا التحول الشامل، ونتوقع أن نشهد مستقبلاً:

  • تحول متسارع من المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي إلى المركبات الكهربائية.
  • إطلاق مركبات كهربائية جديدة بميزات رقمية متطورة وتقنيات متقدمة.
  • توسيع البنية التحتية لمحطات الشحن لتلبية الطلب المتزايد.
  • تطوير محطات شحن متكاملة تُضاهي خدمات محطات الوقود التقليدية، وتنتشر على الطرق السريعة، وفي المراكز التجارية، ومواقف السيارات، وفي مواقع استراتيجية أخرى.

بقلم: نيتين جوشي، خبير في هواوي ديجيتال باور – منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى

You may also like