Home » إنشاء القيمة عبر ممارسات الأعمال المسؤولة والمستدامة

إنشاء القيمة عبر ممارسات الأعمال المسؤولة والمستدامة

by Elhadary

في مشهد عالمي ديناميكي ومتغير باستمرار، برزت فرص استثنائية لتحويل النماذج التقليدية للأعمال. فمع سعي الشركات لتنويع نشاطاتها واستكشاف مسارات جديدة للنمو، أصبح دمج مبادئ الاستدامة ضرورة حاسمة، ويأتي ذلك ردًا على اهتمام المستثمرين المتزايد بالاستثمار المسؤول وإدراكهم لتأثير الاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) على الأداء المالي للشركات.

وفي ضوء ذلك، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأخرى تحولات رئيسية في هذا المجال من الناحية التنظيمية والمالية، حيث أصبحت هذه القضايا الآن أولوية رئيسية، تتجاوز الاهتمام بالبيئة لتشمل المسؤولية الاجتماعية وممارسات الحوكمة السليمة، مما يجعل التعاون الداخلي أساسيًا لضمان التواصل الفعال والإفصاحات المؤثرة.

وضع الاعتبارات البيئية في الصدارة

أصبح دمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أولوية رئيسية عند اتخاذ القرارات الاستثمارية لدى المستثمرين والشركات، حيث تعتبر وسيلة لتحقيق عوائد إضافية. فقد تجاوزت أصول الاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات حاجز الـ 35 تريليون دولار في عام 2020، ومن المتوقع أن تتجاوز الـ 50 تريليون دولار بحلول عام 2025، لتمثل أكثر من ثلث إجمالي الأصول المدارة عالميًا والمتوقعة عند 140.5 تريليون دولار.(1)

وكشف استطلاع حديث من بلومبيرغ(2) عن الدور الحيوي الذي تلعبه الاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في الأسواق المالية واستراتيجيات المؤسسات. حيث أكد 84% من القادة التنفيذيين أهمية دورها في تعزيز الاستراتيجيات، بينما أشار 85% من المستثمرين إلى الفوائد التي يمكن أن توفرها في تحسين التحليل، وزيادة العوائد، وتعزيز المحافظ الاستثمارية.

وإلى جانب التحليل المالي التقليدي، تشجع الاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات المستثمرين على تحديد المخاطر والفرص الإضافية، وذلك في المقام الأول من خلال اعتماد قيم استثمارية جديدة، وتعزيز إدارة المخاطر، وتحفيز التدفقات الاستثمارية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى خلق قيمة طويلة الأجل، سواء على مستوى الشركة أو الاقتصاد الوطني الأوسع.

رحلة التحول نحو الاستدامة

تتجه أنظار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو تحفيز التنوع الاقتصادي، ومواجهة التحديات البيئية، وتمكين الشباب، وتقليل الفجوة بين الجنسين من أجل مستقبل أكثر شمولا واستدامة. وقد أدى هذا الدافع إلى زيادة التوجه نحو التمويل المستدام، ونشوء العديد من المؤسسات المالية التي اعتمدت إطارات مرتبطة بالاعتبارات البيئية والاجتماعية. كما تبنت الكثير من هذه المؤسسات معايير عالمية رائدة مثل مبادئ السندات الخضراء لجمعية الأسواق المالية الدولية (GBP)، ومبادئ السندات الاجتماعية (SBP)، ومبادئ السندات المرتبطة بالاستدامة (SLBP).

وأدى هذا التحول إلى ارتفاع كبير في الاستثمارات المرتبطة بالاعتبارات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، حيث تم إصدار حوالي 14 مليار دولار في السندات الخضراء والمصارف المتوافقة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023(3)، مقابل 4.4 مليار دولار في عام 2020. ودفع هذا الزخم الشركات المدرجة في المنطقة نحو تبني ممارسات أقوى في المجال من خلال تنفيذ نهج شامل للاستدامة عبر كامل سلسلة القيمة.

كما نشرت الأسواق المالية الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها تداول السعودية، وسوق دبي المالي، وبورصة قطر، وبورصة الكويت، إرشادات مفصلة للشركات لوضع تقارير الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. في حين قامت بورصة أبوظبي وبورصة البحرين وبورصة مسقط بإلزام الشركات على دمج مقاييس ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في تقاريرها السنوية.

الاستفادة من قوة التواصل

مع انخراط الشركات بقوة في مجال البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة، أصبح التنسيق الفعّال، سواء داخليًا أو خارجيًا، أمرًا ضروريًا للغاية. حيث يعمل السرد الشفاف على تعزيز ولاء المساهمين وجذب المستثمرين، الذين يضعون هذه الاعتبارات على رأس اهتماماتهم جنبا إلى جنب مع الأداء المالي.

وهنا يأتي دور فريق علاقات المستثمرين لتقديم وتوضيح سرد الشركة في مجال البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة، حيث يستفيدون من فهمهم العميق لاتجاهات الشركة الاستراتيجية وإطار عملها. كما أن الارتباط المستمر والفعّال بين الفريق الداخلي المختص بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة مع فريق علاقات المستثمرين هو أمر حاسم في صياغة استراتيجية الشركة في هذه المجالات، ويمكن لاستغلال هذا الارتباط تعزيز أثر مبادرات المؤسسة بشكل كبير، لتلبية أو تجاوز توقعات المستثمرين والحصول على قاعدة مستدامة وطويلة الأمد من المساهمين.

وفي الختام، لا يعد الإفصاح عن الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة هاما فحسب، بل هو إلزام استراتيجي يشكل الاتجاهات ويقود القرارات الاستثمارية ويسهم في بناء مستقبل مستدام لجميع الأطراف المعنية.

كتب: علاء بدوي شريك مشارك، الاستدامة في Instinctif Partners الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وسماح رجب شريك مشارك، أسواق رأس المال وعلاقات المستثمرين في Instinctif Partners الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

You may also like