يتضمن قطاع إنتاج الألبان عمليات إنتاج الحليب ومشتقات الألبان الأخرى ضمن مزارع كبيرة ومتخصصة، ولطالما شهد هذا القطاع إطلاق كميات ضخمة من الانبعاثات الضارة. وتمتلك مزارع إنتاج الألبان فرصة كبيرة لخلق تأثير إيجابي على البيئة من خلال اعتماد الممارسات المستدامة المتطورة، وذلك استناداً إلى حجم تأثير عملياتها. وتمثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات ورعاية الحيوانات أبرز الجوانب التي يمكن للقطاع أن يحقق فيها خطوات متقدمة نحو اعتماد عمليات أكثر استدامة.
الاستفادة من الطاقة الشمسية في الصحراء
يمثل امتلاك مزرعة لإنتاج الألبان في الصحراء تحت أشعة الشمس القوية واقعاً يضطر كافة منتجي الحليب في منطقة الخليج العربي إلى التعامل معه، حيث يتطلب إنشاء مزرعة ضخمة على مساحة شاسعة استخدام كمية كبيرة من الطاقة الضرورية لاستمرار العمل على مدار الساعة. وتتمثل إحدى الوسائل الممكنة لتحقيق نتيجة إيجابية من هذا الوضع الصعب في تركيب ألواح للطاقة الشمسية، وتسخير طاقة الشمس لتوفير مصدر موثوق للطاقة النظيفة.
وقد يبدو اعتماد أنظمة الطاقة الشمسية المتطورة حلاً غير مجدٍ بسبب ارتفاع تكاليف تركيبها، إلا أن فوائدها طويلة الأمد تفوق الاستثمار الأولي بشكل كبير. وتتميز منطقة شبه الجزيرة العربية بطبيعتها الجغرافية الصحراوية الفريدة في معظم أجزائها، حيث تسطع الشمس باستمرار على تضاريسها المسطحة، مما يجعلها البيئة المثالية لتركيب ألواح الطاقة الشمسية التي يمكنها إنتاج الكهرباء بفعالية طوال اليوم. وقد اعتمدنا في كاميليشيس هذه المنهجية وحققنا نتائج إيجابية رائعة، وذلك من خلال تركيب محطة متطورة للطاقة الشمسية في المزرعة تولد 3.7 ميجاواط من الطاقة النظيفة سنوياً.
منهجية مبتكرة لتحويل النفايات إلى موارد
تسعى مزارع إنتاج الألبان المبتكرة باستمرار إلى ابتكار طُرق جديدة لتقليل بصمتها البيئية وإدارة نفاياتها. ويمكن لمنتجي الألبان استكشاف إمكانية تحويل الروث إلى فحم حيوي، وذلك بالنسبة للأعمال التي تتضمن العمل مع عدد كبير من الحيوانات التي تنتج كمية كبيرة من النفايات العضوية.
إن الفحم الحيوي مفيدٌ للعمليات الزراعية، ويمكن إضافته للتربة خلال مرحلة التحضير للزراعة بهدف زيادة قدرة الجذور على امتصاص العناصر الغذائية الضرورية لها من التربة. ويؤدي ذلك إلى تعزيز الإنتاج الزراعي، كما يقلل الحاجة إلى الأسمدة الصناعية، مما يسهم في خفض انبعاثات غازات الدفيئة. ويمكن أن يساعد الفحم الحيوي على المدى الطويل في تخفيف آثار التغير المناخي، حيث يعمل بشكل طبيعي على تخزين الكربون في التربة لفترات طويلة ليكون بمثابة قناة تصريف طبيعية للكربون.
رعاية الحيوانات: المعاملة الأخلاقية للمواشي
تمثل المعاملة الأخلاقية للماشية توجهاً جديداً في الوقت الحالي، وركيزة أساسية في قطاع إنتاج الألبان. ويتوجب على الشركات أن تسعى دائماً إلى منح الأولوية لرعاية حيواناتها، من خلال ضمان حصولها على ظروف معيشة مريحة ومناطق رعي كبيرة ورعاية بيطرية مناسبة. وتساهم هذه الممارسات في تحسين جودة حياة الحيوانات، فضلاً عن تحسين إنتاج الحليب وجودة المنتج.
كما يجب على مزارع إنتاج الألبان استكشاف منهجيات متخصصة تلائم الاحتياجات المحددة للماشية، سواءً كانت أبقاراً أو إبلاً أو أغناماً أو حيوانات أخرى. وتمنح شركة كاميليشيس الإبل لديها الوقت الكافي للتريض والاسترخاء على مدار اليوم، مما يؤدي إلى تقليل المشاكل على المدى الطويل. وتنطلق الإبل بعد حلبها في مسير لمسافة 4 كيلومتر برفقة صغارها لتعزيز سعادتها وعافيتها، مما يعزز المنهجية الطبيعية لزيادة إنتاج الحليب. كما تحصل الإبل على جلسات عناية منتظمة للحفاظ على نظافتها وراحتها.
وتشكل الحيوانات جزءاً أساسياً من عمليات مزرعة إنتاج الألبان، لذلك من الضروري منح الأولوية لعافيتها ومعاملتها بمستويات لائقة من الاحترام. ويعكس هذا التركيز على المعاملة الأخلاقية للماشية قيم العلامة المميزة.
تشجيع اعتماد أنماط حياة صحية
تلعب مزارع إنتاج الألبان دوراً محورياً في تشجيع العملاء على اتخاذ خيارات صحية وزيادة الوعي بفوائد منتجاتها. كما يمكن تسليط الضوء على القيمة الغذائية لمنتجات الألبان وأهميتها للحصول على نظام غذائي متوازن، وذلك من خلال الحملات التثقيفية وتوفير المعلومات الغذائية الواضحة. ويساهم التواصل مع العملاء في مساعدتهم على اتخاذ خيارات مدروسة حول غذائهم، مما يساعد على تحسين الصحة العامة ومستويات العافية.
ويجب على كل مزرعة لإنتاج الألبان أن تدرك بشكل كامل قيمة منتجاتها، وأن تزود العملاء بالمعلومات الصحيحة حول كافة الفوائد الغذائية التي توفرها. كما يمكنها توضيح أهمية هذه المنتجات لدعم صحة العظام وبناء العضلات والحيوية بشكل عام، من خلال تسليط الضوء على العناصر الغذائية الأساسية الموجودة في منتجات الألبان، مثل الكالسيوم والبروتين والفيتامينات. ومن خلال هذه الخطوات المبتكرة، يتم تعزيز ثقافة الصحة والعافية، وتمكين المستهلكين من اتخاذ خيارات إيجابية فيما يتعلق بأنماط حياتهم بما يتوافق مع احتياجاتهم الغذائية.
يحقق قطاع إنتاج الألبان تقدماً ملحوظاً في اعتماد الممارسات المستدامة. وفي ضوء عالم تتطور فيه التقنيات الخضراء بسرعة، يجب على مزارع إنتاج الألبان أن تبقى سباقة في تنفيذ الحلول المتطورة لتحسين عملياتها وزيادة كفاءتها وتوسيع استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة. كما تمهد مزارع إنتاج الألبان المستدامة الطريق لقطاع إنتاج الألبان لتعزيز المرونة والممارسات الأخلاقية والصديقة للبيئة بما فيه مصلحة الأجيال القادمة.
بقلم: مطشر عوض البدري، الرئيس التنفيذي لمصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته (كاميليشيس)