Home » نموذج للأعمال المستدامة: حماية غابات الأمازون من خلال التجارة المسؤولة

نموذج للأعمال المستدامة: حماية غابات الأمازون من خلال التجارة المسؤولة

by Elhadary

تحتضن غابات الأمازون المطيرة واحداً من أكثر النظم البيئية تنوعاً وحيويةً على وجه الأرض، وتعرف بأنها “رئة الأرض”. ومع ذلك، تهدد إزالة الغابات والممارسات غير المستدامة هذه الطبيعة المذهلة، مما يعود بآثار سلبية على النظم البيئية الغابوية ويقوض استقرار المناخ العالمي. لم يعد الأمر مرتبطاً بما إذا كان على الشركات أن تتحرك، بل بالدور الذي يجب أن تؤديه ومساهمتها في إحداث تأثير إيجابي. ولطالما كانت الإجابة واضحة: تفرض الاستدامة نفسها كعنصر أساسي في صميم عمليات الشركات، فلا ينبغي استخدامها كأداة تسويقية فحسب، بل كمحرك رئيسي للنجاح المستدام وحماية البيئة.

التزمنا منذ إطلاق الشركة في عام 2000 بمفهوم “خط الأساس الثلاثي” وهو نموذج أعمال يوازن بين الناس (الآثار الاجتماعية) والكوكب (الآثار البيئية) وتحقيق الأرباح. ولا يقوم هذا النموذج على تقديم التنازلات بل على إثبات قدرة الشركات الهادفة للربح على العمل بمسؤولية وإحداث تغيير حقيقي. تسلط تقارير الأثر البيئي التي نجريها الضوء على الطرق الملموسة التي تساهم من خلالها الممارسات التجارية المسؤولة في حماية غابات الأمازون، وتمكين المجتمعات المحلية والارتقاء بنماذج النمو المستدام في صناعة المواد الغذائية.

ونلتزم في جوهر مهمتنا بالتجارة العادلة وبأعلى المعايير العالمية العضوية، ليس كعلامات تجارية فحسب، بل كنماذج تُحدث تأثيراً حقيقياً. وأطلقنا أول معيار للتجارة العادلة لثمار الأساي، لضمان استفادة المجتمعات المحلية في الأمازون بشكل مباشر من الطلب العالمي على هذه الفاكهة ذات القيمة الغذائية العالية. كما نجحنا في عام 2023 بإصدار شهادات التجارة العضوية والعادلة لـ 48,115 هكتاراً (118,895 فداناً) من الأراضي في غابات الأمازون. تعادل هذه المساحة تقريباً مساحة مدينة نيويورك، وهي محمية من الممارسات المدمرة ومصونة للأجيال القادمة. تتيح لنا طرق الحصاد المستدامة والحوافز الاقتصادية، حماية التنوع البيولوجي ودعم المزارعين المحليين، فضلاً عن التقاط وتخزين حوالي 5.4 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل كمية ثنائي أكسيد الكربون التي تصدرها 1.3 مليون مركبة تجول الطرقات لمدة عام كامل*!

لا يقتصر التزامنا على الحفاظ على البيئة، فنحن نعمل على تحسين جودة الحياة في المجتمعات التي نتعاون معها أيضاً. استثمرت شركة سامبازون حتى اليوم مبلغ 1,836,031 دولار أمريكي في مشاريع التجارة العادلة لدعم التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية في مجتمعات المزارعين بغابات الأمازون. ولا تعتبر هذه المبادرات أعمالاً خيرية، بل استثمارات تساهم في استقرار سلسلة التوريد على المدى الطويل ورفاهية القائمين على حماية الغابة.

يعتبر التصدي لإزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي في الأمازون محوراً بالغ الأهمية؛ إذ تتم إزالة مساحات كبيرة من الغابات الاستوائية كل دقيقة بما يعادل تقريباً حجم ملعب كرة قدم، وغالباً ما يتم استخدام الخشب المقطوع لخدمة صناعات تعطي الأولوية للأرباح قصيرة الأمد على حساب الاستدامة طويلة الأمد.

أعتقد أن الشركات تمتلك القدرة والمسؤولية لتقديم خيارات بديلة. ولا يجب أن يُنظر إلى التوريد المستدام والتجارة الأخلاقية وشفافية سلسلة التوريد كعوائق، بل كفرص لإعادة بناء منهجيات الصناعات وتحويلها.

تمثّل الشفافية جوهر عملنا، ونعي أن تبنّي ممارسات ومنهجيات مستدامة شاملة يتطلب أن نتحمل المسؤولية، لذا نحرص على رصد التقدم المحرز خطوة بخطوة. كما نحرص على تقليص بصمتنا الكربونية، وعلى التحول إلى استخدام عبوات معاد تدويرها بعد الاستهلاك وعبوات نباتية. وتعكس رحلتنا نحو الاستدامة مساراً مستمراً من التحسين. ونقوم بإعادة تدوير 98% من نفاياتنا للحدّ من النفايات لتحويلها إلى طاقة أو سماد أو مواد قابلة لإعادة التدوير. كما نواصل أيضاً ابتكار حلول جديدة في تعبئة المنتجات، حيث قللنا من استخدام البلاستيك بنسبة 43% لكل أونصة من المنتج من خلال إطلاق مكعبات سموذي الأساي. قد تبدو هذه التغييرات هامشية إلا أنها تندرج تحت إطار استراتيجية شاملة لإعادة صياغة أطر عمل الشركات لتكون مسؤولة بيئياً وأكثر استدامة.

وندرك أهمية التعاون لإيجاد حلول عملية لأزمة التغير المناخي والحدّ من فقدان التنوع البيولوجي. ومن الأمثلة على علاقات التعاون نذكر: عملنا مع منظمات مثل صندوق الغابات المطيرة، ومجتمع “ون ستب كلوزر” المستدام ومجلس تجارة الغذاء المستدام، لتحقيق تغيير منهجي في الصناعات. كما نشجع الشركات الأخرى على تبنّي شهادة التجارة العادلة في سوق الأساي، لضمان أن يصبح التوريد المستدام والأخلاقي القاعدة وليس الاستثناء.

لطالما تم تصوير المسؤولية التجارية والبيئية على أنهما قوتان متناقضتان، لكن هذا التصور ليس سوى فكرة مغلوطة. يمضي مستقبل التجارة الواعية في مسار تتناغم فيه معاييير الاستدامة مع الربحية، حيث لا تقتصر جهود الشركات على تقليل الأضرار فحسب، بل تسعى بفاعلية إلى تجديد النظم البيئية التي تعتمد عليها. تُعد غابات الأمازون أحد أعظم كنوز الطبيعة في العالم، وتعتبر حمايتها مسؤولية مشتركة على عاتق الشركات والحكومات والمستهلكين على حد سواء.

نلتزم في سامبازون بإثبات أن هناك دائماً طريقاً أفضل وحلولاً ممكنة. وتتجاوز منتجاتنا حدود المنتجات العادية التي تقدم حلولاً عملية لكونها مفهوماً مستداماً يهدف إلى الحفاظ على البيئة، وتحقيق عدالة الأجور العادلة والارتقاء بمعايير الاستدامة وصون البيئة. وفي ضوء تزايد طلب المستهلكين على قضايا المسؤولية البيئية والاجتماعية من العلامات التجارية، لن تتمكن الشركات التي تعجز عن تحقيق التوافق بين قيمها المؤسسية وأعمالها التشغيلية من الاستمرار.

ويرتسم الطريق إلى المستقبل واضحاً: الاستدامة ليست مجرد خيار، بل هي أساس نجاح الأعمال في المستقبل.

بقلم رايان بلاك، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سامبازون

You may also like