في ظلّ النقاشات العالميّة المتزايدة حول تغيّر المناخ والاحتباس الحراري، بما في ذلك مؤتمر الأطراف لتغيّر المناخ COP28 الذي عقد في دبي في ديسمبر 2023، تتسابق شركات تطوير العقارات وإدارة التطوير العقاري نحو تبني الممارسات الخضراء بهدف المساهمة في تحقيق أهداف صافي انبعاثات صفري.
في الإمارات العربيّة المتحدة، تُبنى استراتيجية صافي الصفر 2050 على مبادرة الإمارات الاستراتيجيّة لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 والتي تعكس بدورها مسيرة الإمارات الطموحة، والمسار الوطني لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050، الذي يُحدّد بدوره الجدول الزمني وآليات هذا التحوّل. تغطي الاستراتيجيّة 25 برنامجاً في ستة قطاعات رئيسيّة، بما في ذلك المباني والطاقة والنفايات، مع التركيز على تعزيز الكفاءة، وتوسيع نطاق استخدام مصادر الطاقة المتجدّدة، وتطبيق ممارسات البناء الأخضر.
تماشياً مع هذه الاستراتيجيّة، تبرز العمارة المستدامة كعنصر أساسي، مما يساعد المطورين على تقليل تأثير المباني على البيئة من خلال تحسين الكفاءة والاعتدال في استخدام المواد والطاقة ومساحات التطوير والنظام البيئي ككل. تشمل المبادئ الرئيسيّة لمفهوم العمارة المستدامة البناء وفق نظام الصفر الكربوني، والتصميم المستدام، والمتانة، وكفاءة الطاقة، وتقليل النفايات، وجودة الهواء الداخلي، والحفاظ على المياه، ومواد البناء المستدامة.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة التمويل الدوليّة، فإن التحوّل إلى تقنيّات أكثر خضرة في البناء وتشغيل المباني والمواد، إلى جانب أسواق رأس المال الأكثر مراعاة للمناخ، من شأنه أن يقلّل من البصمة الكربونيّة لسلسلة قيمة البناء بنسبة 23% بحلول عام 2035.
من ضمن الشركات الرائدة في مجال الاستدامة في مجال العقارات، شركة رويال للتطوير، وهي شركة تابعة لمجوعة ستاليونز الإمارات، والتي تتخذ خطوات مهمة لتبني ممارسات أكثر مراعاةً للبيئة في مجال التطوير العقاري. تضع الشركة الاستدامة في صميم فلسفتها في إدارة التطوير، لتظهر التزاماً واضحاً ببناء مجتمعات صديقة للبيئة تنسجم مع البيئة من خلال اعتماد الحلول العقاريّة المبتكرة.
يُولي مشروع لاس مارياس، الأرجنتين، الذي تُديره شركة رويال للتطوير، الأولوية لاستخدام المواد الخضراء والمحليّة لضمان الحدّ الأدنى من التأثير البيئي طوال عملية البناء، ويُمثل نموذجاً للمشاريع الصديقة للبيئة. صُمّم المشروع ليكون ملاذاً مستداماً، يدمج الممارسات الصديقة للبيئة للحفاظ على المناظر الطبيعيّة المحيطة، باستخدام مواد بناء طبيعيّة مثل الطوب الطيني والخشب.
ويجسّد مشروع ريم هايتس في لاهور، باكستان، مثال آخر على الممارسات الخضراء لشركة رويال للتطوير، حيث يتميز بتصميم مدروس يعزّز الترابط السلس بين المساحات الداخليّة والمناطق العامة المفتوحة. يتبنى المشروع الاستدامة والقدرة على التكيّف مع تغيّر المناخ كعنصرين أساسيين في تصميمه الحضري، متبنياً استراتيجية عقاريّة شاملة لبناء حي ذكي وصديق للبيئة، بما في ذلك حلول مواقف السيارات الذكيّة لتحسين المساحات المتاحة، وتعزيز سهولة الوصول مع تقليل الازدحام. بالتزامه بالممارسات الصديقة للبيئة، يهدف مشروع ريم هايتس إلى الحصول على شهادة LEED للمدن والمجتمعات بتصنيف ذهبي مرموق.
علاوةً على ذلك، اختارت شركة رويال للتطوير الحفاظ على البيئة الطبيعيّة من خلال مشاريعها المتنوعة في مجال الضيافة والسكن والاستخدامات المتعدّدة، ودمج الفخامة مع الاستدامة بسلاسة، وتلبية احتياجات المسافرين والضيوف وأصحاب المنازل المهتمين بالبيئة من خلال معايير وعمليات البناء الخضراء.
وتشمل هذه المشاريع منتجع كونراد الرباط أرزانا المرموق في المغرب، والذي يستلهم من الهوية الثقافيّة الغنيّة للمدينة ومناظرها الطبيعيّة الخلابة وتاريخها العريق؛ ومشروع مول سايد ريزيدنس – مجموعة كوريو من هيلتون في دبي، والذي يوفر سهولة الوصول إلى أكبر حديقة في المدينة؛ وشقق ألبيزيا باي السكنيّة – كانوبي من هيلتون في سيشل؛ وفندق فايسروي كوباونيك في صربيا، الذي يقع في أحضان منتزه كوباونيك الوطني وينسجم بشكل متناغم في صميم الطبيعة.
مثالٌ آخر على أهمية التصميم الدقيق والهندسة المعمارية الأنيقة، يُعدّ فندق والدورف أستوريا جراند في مينسك شاهداً على جودة العمارة الكلاسيكيّة العصريّة، إذ يعكس الأناقة من خلال أشكاله البسيطة، وأبعاده المتناغمة، وهندسته الدقيقة. ينسجم هذا المشروع بتناغم مع بيئته، ليُجسّد مفهوم المشاريع الصديقة للبيئة.
علاوةً على ذلك، يُجسّد منتجع وسبا سكارليت بيتش في خليج بيتروثالاسا باليونان تحفةً معماريةً تتناغم مع الطبيعة. يدمج المشروع بسلاسة أحدث المرافق والبنيّة التحتيّة لقطاع الضيافة دون المساس بالعلاقة الحيويّة التي تربط الزوار بالبيئة، حيث تمت مراعاة الحفاظ على الطبيعة في جميع في جميع القرارات المعمارية التي اتُخذت أثناء تطوير هذا المنتجع.
وبالمثل، يُعدّ منتجع والدورف أستوريا جزيرة بلات في سيشل تحفةً بصريةً رائعة، إذ يُحسّن واجهة الشاطئ، ويُتيح لكل ضيفٍ فرصةً فريدةً للتواصل مع عجائب الطبيعة. يستوحي المنتجع إلهامه من سحر الجزيرة الطبيعي، فيعكس جمال سلاحف منقار الصقر وسحر أشجار جوز الهند المزدوج، جامعاً بين الجماليّات المعاصرة وجمال الطبيعة البكر.
تتضمن مشاريع أخرى لشركة رويال للتطوير تقنيّات موفّرة للطاقة، تُقلّل من البصمة الكربونيّة، وتعزّز المعيشة المستدامة. وتستخدم تقنيّات متطورة لتوفير المياه، مثل أنظمة الري الذكيّة وإعادة تدوير المياه الرماديّة، لتقليل استهلاك المياه.
يُجسّد مشروع جبل حفيت في العين، أبوظبي، جوهر هذه الممارسات، منشئاً مجتمعاً مكتفٍ ذاتياً يتكامل تماماً مع محيطه. من مصادر مياه شرب موثوقة إلى شبكة كهرباء قويّة وأنظمة صرف صحي فعّالة، يُمكن للسكان توقع تكامل سلس للمرافق الأساسية. بما يراعي قوى الطبيعة، ويُدمج المشروع تقنيّات متطورة لإدارة مياه الأمطار، مما يُخفف من المخاطر المُحتملة ويُعزّز مرونة المجتمع في مواجهة الظروف الجويّة السيئة. كما تمّ تنفيذ أنظمة تنسيق حدائق وري مُدروسة، في حين تمّ تنسيق المساحات الخضراء بعناية فائقة. والتزاماً بالحفاظ على البيئة الطبيعيّة، يضمّ كل منزل في جبل حفيت غرفة مخصّصة للقمامة، مما يُدمج إدارة النفايات في تصميم الفيلا ويُعزز النظافة والمسؤولية البيئيّة.
تسعى شركة رويال للتطوير جاهدةً إلى تسخير قوة حلول الذكاء الاصطناعي لتصميم المباني المستدامة والإشراف على بنائها، مع الالتزام بالمعايير الدوليّة للبناء الأخضر، وضمان استيفاء المشاريع لمعايير بيئيّة واستدامة صارمة.
المستقبل للبناء الأخضر، وتُعدّ العمارة المستدامة جوهر هذه الرحلة نحو بناء مجتمعات مستدامة. ومع تزايد اعتماد المطورين للممارسات الخضراء، تتجلى جهود شركة رويال للتطوير في هذا المجال، مما يُسهم في دفع المجتمعات نحو الاستدامة، وخلق مساحات رائعة تُراعي البيئة من أجل الأجيال القادمة.
بقلم: طارق نزال، المدير العام لشركة رويال للتطوير.