تشكل الزراعة الركيزة الأساسية لازدهار العديد من دول العالم نظراً لكونها مصدر الغذاء. وتوفر زراعة المحاصيل محلياً والحد من الاعتماد على الواردات الخارجية القدرة على الصمود المطلوبة في عالم تتصاعد فيه الصراعات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل التوريد. وتركز سياسات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على توطين النظم الغذائية واستكشاف سبل تعزيز الزراعة، لكنها تواجه عقبة رئيسية تتمثل بعدم وفرة المياه.
وتصطدم المجتمعات الزراعية في كثير من الأحيان بمشكلة ندرة المياه والعوائق المرتبطة بها، مثل ارتفاع ملوحة التربة ومعدل تسرب المياه في التربة، والتي يتفاقم بعضها بسبب ظروف المناخ الجاف. ولا يمكن معالجة مثل هذه التحديات البنيوية باستخدام الحلول التقليدية، إذ تتطلب حلولاً مناسبة ومحددة تبعاً للمنطقة والعوامل المختلفة والمعقدة المسببة لهذه التحديات. وفي هذا الإطار، طورت شركة ديك ريكساند تقنية الرمال المسامية (الرمل القابل للتنفس)، التي تتيح تحويل الرمال إلى تربة صالحة للزراعة لتوفير أنظمة زراعية موفرة للمياه وغيرها من المزايا الإيجابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الإمكانات التحويلية للرمال المسامية
تمتاز الرمال المسامية من ديك ريكساند بقدرتها على الاحتفاظ بالمياه مع توفير نفاذية للهواء، ويتم إنتاجها من خلال تغطية رمال الصحراء الطبيعية بهذا الحل التقني المبتكر. ويتيح استخدام هذه التقنية للبيئات الزراعية الاحتفاظ بالمياه لفترات طويلة ووصول الأوكسجين إلى الجذور، وبالتالي يقلل الحاجة إلى الري المتكرر ويقود إلى تحقيق إنتاج وفير. وفي هذا السياق، أظهرت العديد من دراسات الحالة في المناخات الجافة وشبه الجافة نتائج مذهلة، بما في ذلك إنتاج محصول مثالي من النباتات المحبة للرطوبة مع تخفيض كمية المياه المستهلكة بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بتقنيات الزراعة التقليدية.
وبناء على ذلك، تمثّل هذه التقنية نقلة نوعية في كيفية تعاملنا مع الزراعة والتخضير وتجديد النظام البيئي في المناطق التي تشكل الصحاري غالبية مساحتها مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإضافة إلى الاحتفاظ بالمياه، تساهم التقنية المبتكرة في خلق بيئة أكثر ملاءمة لنمو النباتات والكائنات الحية الدقيقة في التربة، وبالتالي تزيد من خصوبة التربة وتقلل احتياجات الري وتعزز الإنتاج الزراعي، وهي عوامل مهمة لتحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أهمية اختيار الأنواع المناسبة من الرمال
تتوقف فعالية الرمال المسامية على اختيار النوع المناسب من الرمل. ويتميز تركيب وملمس الرمل بأهمية بالغة لضمان أفضل مستويات الاحتفاظ بالمياه ونفاذية الهواء. ومن خلال اختيار نوع الرمل المناسب ومعالجته بمزيج مبتكر من المعادن والمكونات الفعالة، تضمن شركة ديك ريكساند تقديم منتج نهائي فعال في الظروف البيئية المختلفة وآمن ومفيد للنظام البيئي أيضاً. ويضمن الإنتاج الصديق للبيئة ألا يصبح الحل جزءاً من المشكلة بعد انتهاء دورة حياته، وهو ما تفشل معظم الأسمدة الكيماوية المخصصة لتحسين الإنتاج في تحقيقه.
وإلى جانب الزراعة، تلعب الرمال المسامية دوراً أساسياً في مكافحة تآكل التربة، وهي واحدة من أبرز مشاكل المناطق الصحراوية والتي تنتج غالباً عن الاستخدام المفرط للأسمدة وأساليب الري غير العلمية؛ حيث تعمل بنية التربة المستقرة والمشبعة بالرمال المسامية على تقليل التعرض لتآكل الرياح والمياه، وبالتالي حماية الأرض ومواردها الطبيعية. كما يدعم تعزيز الاحتفاظ بالمياه والمغذيات التنوع البيولوجي عن طريق تحويل المناطق القاحلة إلى أنظمة بيئية، مثل الأراضي المشجرة والغابات الغذائية والمساحات الحراجية حيث تزدهر الحياة النباتية والحيوانية.
الحاجة الملحة إلى أنظمة زراعية موفرة للمياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تتسم الزراعة ببصمة مائية عالية غير متكافئة مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. وتبرز الحاجة الماسة لأنظمة زراعية موفرة للمياه لمواكبة احتياجات النمو السكاني المتواصل في توسيع نطاق النظم الغذائية ومتطلبات الاتفاقيات الملزمة مثل تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 من خلال زيادة المساحات الخضراء والتوسع في زراعة الأشجار. يمكن للحلول معقولة التكلفة، مثل الرمال المسامية، المتاحة أمام المجتمعات والمؤسسات الزراعية المحلية على حد سواء أن تغير الواقع الحالي.
وفي هذا الإطار، أطلقنا “غابة”، أول مشروع تشجير في المنطقة مدرج في برنامج فيرا، بهدف زراعة 11 مليون شجرة باستخدام الرمال المسامية وقياس تحييد الكربون. ونسعى من خلال المشروع إلى دعم أهداف الحياد الكربوني في المنطقة دون الإفراط في استخدام المياه، بما يحاكي جهود تعزيز الزراعة المحلية وتوسيع نطاق النظم الغذائية دون استنزاف البنية التحتية للمياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتنوع تطبيقات الرمال المسامية ويختلف تأثيرها، بما يشمل مشاريع التشجير واسعة النطاق والأنظمة الغذائية الموفرة للمياه. وتثبت التجارب الناجحة في جميع أنحاء المنطقة الجدوى المالية لهذه التقنية وقدرتها على تحويل المناطق القاحلة وإحداث تغيير في الأساليب التي تتفاعل بها المجتمعات مع بيئتها.
بقلم تشاندرا ديك، الرئيس التنفيذي لشركة ديك ريكساند