Home » ” الديزل المتجدد” ركيزة أساسية لمستقبل مستدام في السعودية

” الديزل المتجدد” ركيزة أساسية لمستقبل مستدام في السعودية

by Elhadary

شهدت الساحة العالمية للطاقة تحولًا كبيرًا نحو الاستدامة، وهو اتجاه لقي أصداءً قوية في المنطقة عامة وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص. والتي اتخذت خطوة جريئة عبر إطلاقها لمبادرة “السعودية الخضراء” عام 2021، ما جعلها في طليعة جهود الاستدامة البيئية والتصدي لتأثيرات تغير المناخ.

وتمثل هذه المبادرة معيارًا جديدًا، ليس على مستوى الإقليمي فحسب، بل وعلى النطاق العالمي أيضًا في مجال التصدي لتداعيات تغير المناخ. ومن المبادرات الأساسية التي يمكن البحث فيها لتمكين هذا التحول، تطبيق تقنيات الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين (HVO) أو ما يعرف بـ “الديزل المتجدد”، وهي مصدر وقود حيوي متجدد، بمستوى انبعاثات أقل بكثير، ويتناغم تمامًا مع أهداف المملكة للحد من الكربون وتعزيز تطوير الطاقة النظيفة.

ولا يخفى أن المملكة تشتهر بكونها لاعبا عالميا رئيسيا في صناعة النفط، إلا أن ذلك لم يمنعها من توجيه أنظارها بجدية نحو مستقبل أكثر اخضرارا واستدامة بعيدا عن الوقود الأحفوري. ويمتد هذا التحول إلى ما هو أبعد من مجرد الحد من البصمة الكربونية، ليشمل التنويع الاقتصادي وتحسين جودة الحياة لشعبها، وحماية البيئة للأجيال القادمة.

فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسات مثل تلك التي أجريت في عام 2018 أن احتراق الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين يؤدي إلى انخفاض كبير في الانبعاثات الضارة وأكاسيد النيتروجين. وهو ما وهو ما سيشكل تحولا كبيرا خاصة مع تصنيف منظمة الصحة العالمية لجودة الهواء في السعودية عند متوسط تركيز سنوي يبلغ PM2.5، وهو أعلى بكثير من المستويات الموصى بها، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمصادر طاقة أنظف.

وقد بدأت شركات التكنولوجيا، بما في ذلك اللاعبين الرئيسيين في مجال مراكز البيانات، بالتحول إلى الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين لتشغيل مولداتها الاحتياطية. وهذا الاتجاه واضح في مراكز البيانات في الولايات المتحدة، حيث تبين أنه يمكن استخدام الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين بالتبادل مع الديزل العادي في معظم محركات الديزل القياسية. أي أن هذا التحول كان مباشرا ولم يتطلب إدخال أي تعديلات على المحركات أو أنظمة الوقود الحالية.

وعند التفكر في بدائل مستدامة للطاقة، تبرز الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين كمنافس واعد. فهي مشتقة من نفايات الدهون النباتية والحيوانية، وتقدم نهجا أكثر استدامة ومراعاة للبيئة لتلبية متطلبات الطاقة. في حين ينتج عنها انبعاثات كربونية أقل بكثير، واحتراق أنظف، وإمكانية تقليل انبعاثات الجسيمات وأكسيد النيتروجين.

ويعكس اعتماد الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين في قطاعات مثل المهرجانات الثقافية، التي تعمل تقليديًا بمولدات الديزل، مدى تنوع فوائدها البيئية. إن طبيعة هذا النوع من الوقود يجعلها مثالية لتطبيقات الطاقة الاحتياطية، مما يقلل بشكل كبير من الملوثات الضارة والبصمة الكربونية دون الحاجة إلى استثمارات رأسمالية جديدة.

إن توافق الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين مع الأولويات البيئية والاقتصادية للمملكة لافت للنظر. وهو يمثل خطوة ملموسة نحو تحقيق أهداف المملكة لإزالة الكربون وتحسين جودة الحياة بشكل عام. ومن الناحية الاقتصادية، يمكن أن يؤدي اعتماد الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين إلى تحفيز النمو في قطاع الطاقة المتجددة، وإنشاء فرص عمل جديدة، والمساهمة في تنويع الاقتصاد. على سبيل المثال، يتطلب موسم الرياض، وهو مهرجان ثقافي كبير في المملكة، طاقة كبيرة لمختلف الفعاليات، ممن يتم تلبيتها تقليديا بواسطة مولدات الديزل التي تؤثر بشكل كبير على انبعاثات الكربون وتلوث الهواء. فيما يوفر التحول إلى الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين لتشغيل هذه المولدات خيارا أكثر مراعاة للبيئة، حيث إنها تتوافق مع محركات الديزل الحالية وتتيح حرقا أنظف، مما يقلل بشكل كبير من الملوثات الضارة والبصمة الكربونية.

ومن شأن اعتماد هذا النوع من الوقود خفض البصمة الكربونية للمملكة. وهي خطوة هامة في جهود التصدي لتغير المناخ وتلوث الهواء. وقد أشار تقرير صادر عن وكالة البيئة الأوروبية إلى أن غالبية الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين يتم إنتاجها من مواد أولية مثل الشحم وزيوت النفايات والدهون.

ويمكن أن يترجم ذلك في المملكة إلى إعادة استخدام النفايات الزراعية وزيوت الطهي كمواد وسيطة لإنتاج الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين، وبالتالي توفير مصدر مستدام للطاقة، وإدارة النفايات العضوية، والمساهمة في تحقيق اقتصاد دائري فعال.

أما في قطاع الصناعات الثقيلة، استعرضت التطورات الأخيرة التطبيق العملي للزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين. حيث نجح مورد رائد للمعدات الصناعية في اختبار محركات قادرة على العمل بها في قطاعات التعدين والبناء. وأظهرت هذه المحركات توافقا وكفاءة ملحوظين مما يحافظ على مخرجات الطاقة ووقت التشغيل. والجدير بالذكر أن استخدام الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين قد قلل بشكل ممتاز من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 90٪ مقارنة بالديزل التقليدي.

خلاصة القول أن تقدم المملكة العربية السعودية نحو أهدافها البيئية الطموحة مرهون بإدخال تغييرات جذرية، وهنا، تبرز الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين كخيار رئيسي في قطاع الطاقة المستدامة. لقد حان الوقت لاعتبارها جزءا لا يتجزأ من استراتيجية الطاقة المستدامة. ويمكن أن يمثل تبنيها علامة فارقة في رحلة المملكة نحو مستقبل أكثر اخضرارا واستدامة. كما يتماشى دمج الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين في مزيج الطاقة مع اتجاهات الاستدامة العالمية ويضع المملكة كجهة رائدة في الإشراف البيئي، مما يشكل سابقة ستتبعها الدول الأخرى في الجوار.

وتعتبر كمنز العربية مشروعًا مشتركًا بين شركة كمنز العربية ومجموعة العليان، وهي تعمل على توحيد أعمال التوزيع الخاصة بشركة كمنز في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت. تشمل منتجات كمنز العربية محركات ومولدات الديزل والغاز الطبيعي، إلى جانب قطع الغيار والترشيح وحلول الخدمة، ومحفظة منتجات الطاقة الجديدة (المعروفة الآن باسم أكسليرا) بما في ذلك إنتاج الهيدروجين وخلايا الوقود.

بقلم: أنيرود سينغانيا، رئيس أعمال توليد الطاقة، أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في كيمنز العربية

You may also like